المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠٢١

التلذذية وانهيار الدول - الدولة العباسية نموذجًا

صورة
  في الكُتَيّب: ‏مصير الامبراطوريات والبحث عن البقاء ‏The Fate of Empires and Search for Survival (1978) ‏يقول جون چلوب John Glubb أن متوسط سنوات العَظَمَة لأي أمة هو 250 سنة. لم يختلف هذا المتوسط في كل الأمم التي سادت خلال 3000 سنة. تمر كل أمة بستة عصور: ‏(1) عصر الرواد/الفورة - عصر المؤسسين الذي يبدؤون تأسيس الحضارة متحدّين كل العقبات. ‏(2) عصر الفتوحات. ‏(3) عصر التجارة. ‏(4) عصر الثراء. ‏(5) عصر الذكاء. ‏(6) عصر الانحطاط - المتمثل في: ‏- الدفاعية (تقديم الرفاه والسلام والتوقف عن الفتوحات). ‏- دولة الرفاه. ‏- التشاؤمية (إثر بداية انحسار سلطان الأمة وثرواتها). ‏- المادية وانحسار الدين وتراخي الأخلاق الجنسية. ‏- تدفّق الأجانب. أحد أسباب انهيار الامبراطوريات التي يذكرها چلوب، هو زيادة التأثير النسوي في الواقع الاجتماعي. يذكر چلوب أن الرومان المتأخرين - مع أن روما كانت تحكم العالم حينها - اشتكوا من كون النساء يحكمن روما. يستخدم چلوب "الإمبراطورية العربية" كنموذج. يرى چلوب أن الاضطرابات الاجتماعية والأمنية التي اندلعت في الدولة العباسية عقب اغتيال المتوكل (861م) لسنوات طويلة -و

التلذذية وانهيار الحضارات

 لا يمكن أن تروج التلذذية الجنسية وعبادة الرموز والمشاهير في مجتمع قبل تصفير قواه أولا، وأسرع طريقة لتصفير القوى هي إلغاء منظومة الأحكام التقاليدية المهيمنة على التاريخ بكل خلفياتها المعرفية والثقافية. الأحكام تعني قيود، والقيود بمضامينها هي الفيصل الصارم بين المجتمعات الراقية والأخرى المتورطة في صياغة فلسفة واضحة لماهية الإنسان. فالمجتمع الذي ينطلق في التقييد من الفردانية والغايات الاقتصادية، ليس كالذي يتقيّد انطلاقًا من معانٍ مطلقة متجاوزة للإنسان وشاملة للإنسانية كلها. الأول هو مجتمع مضغوط في تصور مادي، وبالتالي فمنتهى الإنسان في هذا المجتمع هو كيانه المادي (الجسد)، والآخر هو مجتمع يرى في الجسد مجرد أداة لتحقيق معانٍ أعلى من الظاهر المادي، لذلك هو يؤمن بمشترك إنساني متجاوز للأنا، وبدون هذا المشترك تُبدد الأنا ذاتها عبر تبديد الآخر. لأنه بلا منظومة مطلقة يكون مآل الأنا الحتمي التمركز حول الذات أو الأديولوجيا، وبالتالي تتحول لكيان تدميري لا ينظر للآخر إلا من منظور الأنا أو الأديولوجيا، فيكون تعايشه مع الآخر مرتهن بمدى تماهي هذا الآخر معه، فإن لّم يستطع ابتلاعه أفناه. وفي غياب القيم ال