المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠٢١

فرانز فانون حول الحجاب والاستعمار

 «..كل حجاب منزوع يكشف للمستعمرين آفاقا كانت ممنوعة، يبرز لهم قطعة قطعة الجسد الجزائري المُعرىٰ، وبعد سفور كل وجه تظهر روح المحتل العدائية، وبالتالي آماله، مضاعفة عشرات المرات، وتعلن كل امرأة جزائرية جديدة سافرة للمحتل عن مجتمع جزائري تأذن نظمه الدفاعية بالتفسخ، وأنه مجتمع مفتوح ومُمَهَّد. وكل حجاب يسقط، وكل جسم يتحرر من وثاق الحايك (الحجاب الذي كانت ترتديه الجزائريات حينها) التقليدي وكل وجه يبرز لنظر المحتل الوقح، يكشف على نحو سلبي بأن الجزائر قد بدأت بالتنكر لنفسها، وتقبّل هتك سترها من قبل المستعمِر. ويبدو المجتمع الجزائري مع كل حجاب مهجور أنه يرضى بوضع نفسه في مدرسة السيد، وأنه يقرر تغيير عاداته تحت إدارة وإشراف الاستعمار. فإذا كان المستعمِر ينظر إلي نزع حجاب المرأة الجزائرية على أنه وسيلة لهتك القيم الحضارية والثقافية للمجتمع الجزائري ويبني استراتيجية الغزو والهيمنة والإلحاق على هذا الأمر، فمن المنطقي أن ينظر الشعب الجزائري إلى التمسك بالحجاب على أنه وسيلة من وسائل المقاومة للحفاظ على الشخصية الحضارية، ولمقاومة التذويب في الثقافة الفرنسية، وبالتالي مقاومة التلاشي حضاريا وسياسيا كما

الحجاب من منظور الصراع الحضاري

  تكمن القوة الرمزية للحجاب -ليس في كونه مجرد ثورة على الثورة الجنسية وتسليع المرأة، وإن كان ذلك حقيقي، إلا أنه مكمن يحاصر الحجاب في نطاق محدود مختزل- بل تكمن قوته الرمزية في كونه تقليد يستعصي على أي تفسيرات حداثية أو مابعدحداثية. إنه رمز تقاليدي صِرف محمّل بمضامين تاريخية وحضارية عريقة تتناقض بشراسة مع الحضارة القائمة المؤسَّسَة على تبديد التقاليد. فهو -مثلاً- يؤكد على بُعد القداسة المضفى على المرأة بوصفها وعاء الخلق، والذي يجعل معاني التبتل كالعفاف والحياء لصيقة بها أكثر، ويجعل الرذيلة الصادرة عنها أشنع. كما أنه يؤكد على أن الجنس في مستواه الغريزي الجسدي هو دافع أصيل في علاقة الرجل بالمرأة. بالتالي فهو يلغي أي أديولوجيا -سواء اجتماعية أو اقتصادية- تحاول صهر الذكورة والأنوثة في قالب واحد متجاوزة بذلك كل الغرائز والمعارف والتجارب الاجتماعية التي أكدت عليها كل الحضارات السابقة. إن حضور الحجاب يعني حضور هذه المضامين التقاليدية بكل ثقلها الحضاري والفلسفي، ولو أردنا أن نصيغه صياغة ثورية محرَّرة، فالحجاب رمز حضاري يقسم التاريخ بكل صرامة إلى قسمين لا يمكن أن يتمازجان إطلاقًا. لهذا كان الحجاب

مآلات الجنس التلذذي

    "في الحضارة التي يصل فيها الاهتمام بالجنس والتركيز على الأعضاء التناسلية حد الهوس، ثمة محاولة إلى تحييده تمامًا أو إلغائه (أي الجنس)."   -  عمرو شريف (أنا تتحدث عن نفسها ص312). كل الذين يقولون لك: (أنت تتدخل في سلوكيات الناس الجنسية لأنك مهووس جنسيًا)، في الحقيقة هم المهووسون جنسيًا. إنهم يكرهون أن يوضع الجنس في قوالب دين وأخلاق وفلسفة، إنهم يشعرون بأن الجنس أقدس من أن يُقيّد أو ينقد بأي شكل. وهم بذلك مدفوعون باللذة لا بمبادئ تحررية. أقول هم مدفوعون باللذة لأن الجنس عندما يتحول لتفاعلات عائمة دون غايات محددة -أو غايات كبرى إن شئت-، لا يمكن أن يكون إلا شبقًا. والغايات المحددة أو الكبرى لا يمكن أن تتحقق في أشياء عائمة غير موجهة بثوابت وقيم. عندما تكون اللذة هي الموجِّه للجنس، فإنها لابد أن تحوّل الإنسان في الأخير لمجرد كومة من اللحم بها عدة فتحات، ولأن الإنسان مخلوق واسع الخيال، فلن يكتفي بخيار جنسي واحد وعملية جنسية ذات طبيعة محددة، بل سيحول الجنس لسوق يتضمن أي كومة لحم -بل حتى كومة أي شيء- يمكن أن توفر اللذة. هذا السوق سيتضمن في الأخير أي أحد/شيء، أب أم أخ أخت كلب ماعز دم

كبح الرجل بكاءه: تقليد ذكوري بالي أم ضرورة أخلاقية؟

إذاما نظرنا إلى الأنوثة من منظور نفسي صرف، فإنه من السهل جدا أن يتأنث الإنسان. إن الأنوثة تبدو كعملية سيلان للشعور، تداعٍ بلا تحفظ وبلا خوف، فليس هنالك قيود على شعور المرأة، فهي بطول التاريخ وفي كل الثقافات، الكائن الحاني اللطيف الذي يتصدى للأزمات والمناسبات السعيدة بالبكاء، حتى أنه أصبح متوقعًا - بل ربما مستأنسًا- منها أن تسيل عاطفيًا في أي وقت دون أن يكون ذلك مستغربًا. إنه الطقس الأنثوي العتيق الذي نُحِت تقريبا في ذكرى كل حدث مفصلي ضمن حيواتنا. يبدأ الذكر حياته بذات السيلان الشعوري، إنه يتداعى عاطفيا ويبكي كطفل متوقع منه ذلك. فالبكاء الدامع هو خصيصة بشرية، يُعزى ذلك لأن الإنسان من بين كل الكائنات، يمر بفترة طفولة طويلة، فهو حتى بعد أن يكتمل جسديًا، يبقى اعتماديًا من حيث حاجته للرعاية والتربية والتعاطف، مما يجعل البكاء عملية تواصل مهمة للتعبير عن احتياجه (1). ما يلبث الطفل الذكر حتى يبدأ مرحلة انتقالية مبكرة يتعلم فيها أنه ليس أنثى. فبمجرد أن يتعلم الطفل ضمائر التذكير والتأنيث في اللغة (هو/هي)، يبدأ في تمييز الهوية الجنسية، فمثلا تقارن دراسة (3) بين ثلاث مجموعات من الأطفال، الأولى لغت