ويكيبيديا: عالم مفتوح للمعرفة أم أداة للسيطرة؟

 





ويكيبيديا: إني أتهم [1] Wikipedia: J’accuse

هيلين باينسكي Helen Buyniski - نُشر المقال الأصلي بتاريخ 7 نوفمبر 2018

ترجمة @exevth – (هوامش الكاتبة) [هوامش المترجم: بالنقر]



ويكيبيديا، واحد من أشهر المواقع في العالم. مجاني، وتعليمي، وديمقراطي، ليس لدى المستخدم العادي أي سبب ليفكر بأن المواد التي تنشرها قد تكون غير حقيقية، لقد أصبحت (ويكيبيديا) السلطة المقصودة لأي أحد يريد تثقيف نفسه سريعًا حول موضوع ما. الخبرة والكفاءة ليست مهمة، إنها مستودع مفتوح المصدر لكل المعرفة الإنسانية، وبما أن "مصير الرغوة أن تطفو على السطح"، فإن كانت المعلومات مغلوطة، فإن المحررين موجودون على الدوام لتصحيحها.

يقول أندريو لويس Andrew Lewis: «إذا لم تكن تدفع مقابل شيء ما، فإنك لست بالزبون، بل السلعة التي تُباع» (1). تحرينا في العمق كشف بأن كل ما صدقناه حول ويكيبيديا كان مجرد كذبة. إن ويكيبيديا تمثلُ نذيرًا بأن الشيء الحقيقي إذا بدا جيدًا أكثر من المعقول، فهو غير حقيقي. اكشط سطح "الموسوعة المجانية التي يستطيع تعديلها أي أحد" وستجد آلة للبروباغاندا مركبة بحذق، يُتلاعب بها من قبل مختصين، وتُستخدم لتدمير سِيَرِ أولئك الذين يتجرؤون على مساءلة الأوضاع السائدة.

يرى المستخدم العادي زر «تعديل» بجانب النص ويعتقد أن بإمكان كل المستخدمين على قدمٍ سواء أن يحرروا المكتوب. في الحقيقة أن هنالك عدة نطاقات ضمن الموسوعة مسيطر عليها بإحكام من قِبَل زُمرة تعمل بمباركة جيمي ويلز Jimmy Wales، المؤسس الذي يصف نفسه "بديكتاتور ويكيبيديا الخيّر". تجربة أن تحاول تصحيح المعلومات عن أحدهم في ويكيبيديا تشبه كونك محاصر في أحد روايات كافكا، مطوّقًا بِأَجِمَّةٍ من القوانين المفروضة بلا مساواة، خاضعًا لأهواء مجموعات لا وجود رسمي لها، عاجزًا عن أن تمنع ملايين المستخدمين لويكيبيديا من أن يمروا على معلوماتٍ مغلوطة، بل حتى مفتراة، عنك أو عن أعمالك وعن غيرك. بالنسبة لأولئك المحاصرين في غولاغ [2] الإنترنت ويكيبيديا، فليس هنالك أي مهرب، ولا حتى حذف. ويكيبيديا - كما يقول ويلز شامتًا - "لا تؤمن بحقك في أن تكون منسيًا" (2).

يدّعي ويلز بأنه يعتبر دوره شبيه بالملكية الدستورية، شكلية على نطاق كبير، وهي في الحقيقة بلا نفوذ (3)، لكنه يملك القدرة ليلغي أفعال أي مستخدم آخر، وموقعه عبارة عن أداة لصياغة التصورات العامة. المحسوبية، القوانين المفروضة دون مساواة، التحرير المدفوع، فرق الاغتيال الأيديولوجي، مئات الشِّيَعْ التي تتآمر إلى درجات متفاوتة من السرية لتتلاعب بالنظام، كل هذا يستمر بمباركة ويلز. يمكن القول بأن مؤسسة ويكيميديا Wikimedia Foundation (المؤسسة المالكة لويكيبيديا) قد تعدت على ميثاقها بوصفها مؤسسة غير ربحية، وجرّدت نفسها من الحصانة الممنوحة بواسطة القسم 230 (section 230) من قانون آداب الاتصالات (الأمريكي) Communications Decency Act عبر انخراطها ذاتيًا في تحرير المحتوى الذي تستضيفه، بكونها تنتقي المحررين الذين تسمح لهم باستخدام المنصة، وبكونها تنتقي متى وأين تفرض قوانينها.

 

إني أتهم:

لم يصنع جيمي ويلز ويكيبيديا بالرغم من أنه عدل سيرته الذاتية فيها أكثر من ست مرات ليعطي انطباعًا بأنها من صنعـــه. لاري سانجر Larry Sanger، الرجل الذي حاول ويلز أن يمحوه من التاريخ، ترك ويكيبيديا مشمئزًا بعد إطلاقها بفترة قصيرة. «ويكيبيديا لم تحل مشكلة تنظيم نفسها بطريقة لا تؤدي إلى تَسَلُّطْ الدهماء. من ناحية، هي ليست محكومة بالدهماء، حيث أنها عالية التنظيم والهيكلة ومحكومة بالكثير من القوانين. لكن من ناحية أخرى، الطريقة التي يُنَظَّم بها المجتمع ليست مشفرة أو محكومة بأي أسلوب دستوري. لذلك، قد يكون من المحررين من يستطيع أن يطبق القوانين بانتقائية فقط لأن موقف أحدهم حيال الأمور المتعلقة بحيوانه الأليف لم تعجبه. هذا الظلم متأصل في ويكيبيديا» (4).

قد لا يكون ويلز من أسس الموسوعة، لكن بوصفه يمثل واجهتها العامة فقد أَثَّر على طابعها العام أكثر من أيّ أحد، إن وجهه هو ما يراه المستخدمون خلال حملات التبرعات التي تَدُرّ على الموقع أموالًا أكثر بكثير مما يحتاجه ليُشَغّل والتي بلغت 89 مليون دولار السنة الفائتة (5) مرسّخةً بيروقراطية لا يمكن محاسبتها، ومشاريع عالية السرية، وإحساسًا متناميًا باللامسؤولية عن الضرر الجلل الذي يسببه محتواها. لقد سمحت ويكيبيديا لنفسها بأن تكون سلاحًا لتنفيذ أعمال أصحاب النفوذ، فكل من ينحرف عن خط المؤسسات المهيمنة فهو لُعبة مستباحة للهجوم والتشويه والتدمير.

يعمل نخبة ويكيبيديا بسرية. بشكلٍ عام، كلما أصرّ مستخدم أو مجموعة مستخدمين في ويكيبيديا بأنه ليس هنالك "عُصبة" من المحررين المتنفذين يديرون المشهد، كلما كانت احتمالية أن يكونوا ضمن تلك العُصبة أعلى. ويلز ذاته تحدّث ساخرًا ذات مرة عن تشكيل "عُصبة" لفرض السياسات في سبتمبر 2001، عندما كان الموقع قد بدأ ينهض لتوه (6). تحولت فكرته هذه إلى "لجنة التحكيم" Arbitration Committee (ArbCom)، والتي شُبِّهَت بكونها محكمة ويكيبيديا العليا. لجنة التحكيم - مع مئات الإداريين - قادرة على التحكم بما يبقى على الموسوعة وبما (أو بمن) يُحذف. لو أنّ هذهِ السلطات مورست بعدالة، لكان مُرَحّبًا بها، لكنها بدلا من ذلك تُستخدم كهراوة لفرض التوافقات الأيديولوجية.

ويكيبيديا لا ترفض الخبرة فحسب، بل إنها عدائية بشكلٍ نشط تجاه الخبراء. بينما تحذّر أحد سياسات الموقع الكثيرة المحررين من حذف شيء ما لمجرد أنه لا يعجبهم (WP: IDONTLIKEIT)، ويلز وطبقة ويكيبيديا الحاكمة جعلوا من أنفسهم استثناءً. منذ البداية أحاط ويلز نفسه بكادر من المعجبين المستعدين لتنفيذ أوامره، كتعديل سيرته بعد أن فُضِح تعديله لها (ثم عُدلت ثانية ليحذف منها نصٌّ عن تعديله لها) (7)، أو كمهاجمة أعداءه عندما يسألونه أسئلة محرجة على صفحات مناقشاته. لقد صار قَتَلَة الإنترنت المأجورون هؤلاء يتحكمون بويكيبيديا ويصيغون التصورات العامة مكرّسين جهودهم لتبدوا حقيقية أكثر من الحقيقة.


اعتساف وضعها القانوني بوصفها مؤسسة غير ربحية:

تحظر دائرة الإيرادات الداخلية (مصلحة الضرائب) IRS على المؤسسات من نوع [501(c)(3)]، كمؤسسة ويكيميديا، من الانخراط في أي حملات سياسية «بالنيابة عن (أو ضد) أي مرشح لأي منصب عام منتخب»، حظر يشمل «المساهمات في الحـملات السياسية عبر الدعم المالي أو التصريحات العامة (مكتوبةً كانت أم مقولة) إزاء أي موقف بالنيابة عن المؤسسة لصالح، أو ضد، أي مرشح لأي منصب عام منتخب». سياسة IRS تقول بوضوح أن: «التعدي على هذا الحظر قد يؤدي إلى رفض أو إبطال حالة الاستثناء من الضرائب، وإلى فرض ضرائب انتقائية». وتواصل: «تثقيف المصوّت، أو أي نشاطات تتعلق بالاقتراع، والتي يقوم عليها دليل بأنها متحيزة عبر: (أ) تفضيل مرشح على حساب آخر، (ب) معارضة مرشح بطريقة ما، (ج) التأثير بطريقة ما على تفضيل مرشح أو مجموعة مرشحين، كل هذا يشكل تجاوزات بالانخراط المباشر أو بالتدخل» (8).

مؤسسة ويكيميديا دخلت "برؤوس أصابعها" إلى مستنقع السياسة في عدة مناسبات. واحدة من أوائل الفضائح الكبرى لويكيبيديا كانت في فبراير 2006 عندما أُكتُشِف بأن موظفي الكونغرس الأمريكي كانوا يلمّعون سِيَر سياسييهم على الموسوعة بحذف وعود الحملات المخلوفة (9) والفضائح وتفاصيل أخرى غير مرغوبة، واستبدالها بالثناء والمعلومات المنتقاة (10). في ذات الوقت، صيغت سِيَر المنافسين بطريقة سلبية، وكان بعض الموظفين الجريئين يغيرون السِّيَر بالجملة بنُسَخ من تأليفهم هم. رَدَّت ويكيبيديا بحظر عناوين IP من الكونغرس خوف أن تبدو متواطئة في تلك الدعاية السياسية الذاتية، مما كان سينسف وضعها القانوني كمؤسسة غير ربحية.

عندما كان قوقل يعرض في نتائج البحث بأن "النازية" من الأيديولوجيات التي يتبناها حزب كاليفورنيا الجمهوري California Republican Party فقط قبل انتخابات الولاية بأسبوع بداية هذه السنة، قوقل ألقت باللوم على ويكيبيديا في ذلك، مبررةً بأن "صندوق المعرفة" الذي احتوى على المصطلح المشين هو عادةً يُعبّأ بحسب نصوص ويكيبيديا (11). هذه التخريب المتعمّد بقي على صفحة الحزب لستة أيام قبل أن يُعدّل. مع أنه في الحين ذاته، حدثت عدة تغييرات في بعض الصفحات الأخرى عُدّلت خلال ثواني، مما يؤيّد بأن الأولى بقيت على حالها كل تلك المدة لأنه أُريد لها ذلك، مخفيّة بعمد لتظهر فقط في نتائج قوقل (12). وسواء كانت متعمدة أم لا، هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها ويكيبيديا كمنصة دعائية للجناح النيوليبرالي في الحزب الديمقراطي.

هذا التحيز السياسي الظاهر سيتجلّى أكثر إذا ما علمنا أن مؤسسة ويكيميديا تعاقدت مع مجموعة مناسيان Minassian Group - والتي تدار بواسطة كريق ميناسيان Craig Minassian، رئيس الاتصالات بمؤسسة كلنتون Clinton Foundation لتدريب موظفي مؤسسة ويكيميديا من المستوى C من مدراء عامين ومدراء مباشرين في الاستراتيجيات الإعلامية (13). مجموعة مناسيان كُلّفت لاحقًا في عام 2016 بإجراء تدقيق اتصالات communications audit لويكيبيديا (14). العديد من محرري ويكيبيديا كانوا مستائين من تسييس نشاطهم (15)، تحديدا بالنظر إلى كم الأموال التي حولتها ويكيميديا إلى مجموعة مناسيان 436,104 دولار في 2015، وَ 406,957 دولار في 2016 (16). بالرغم من أن نشاطات مناسيان ليست معلنة، إلا أن المجموعة أصدرت تقريرًا يوصي ويكيبيديا بأن تقدم نفسها كمصدر إعلامي موثوق ومحايد، وبأن تبني علاقات مع "صحفيين ودودين" ليوفّروا ما تسميه ويكيبيديا "مصدر موثوق" (17). مجموعة مناسيان لديها تاريخ في التضليل الإعلامي الموجهة بأجندة مؤسسة كلينتون في قنوات الإعلام المختلفة. كشفت تسريبات ويكيليكس WikiLeaks لإيميلات بودستا Podesta emails dump (مدير الحملة الانتخابية لهيلاري كلنتون)، رسالة من كريق مناسيان نفسه يتباهى بتأمين تغطية إعلامية متحيزة على برنامج Colbert Report (18).

المحرر في ويكيبيديا ساشيرولز SashiRolls يربط بين تعاقد ويكيميديا مع مجموعة مناسيان ووصول مجموعة من المحررين "المحاربين" لصفحة مؤسسة كلينتون بويكيبيديا، حيث حاظفوا عليها نظيفة من أي ذكر لمليارات الدولارات التي استقبلتها مؤسسة كلينتون لضحايا زلزال هاييتي ولكنها لم توزعها عليهم أبدًا، حيث قررت عوضًا عن ذلك أن تبني بالتبرعات منتزهًا صناعيًا مربحًا في الجزء المدمر من الجزيرة (19). صفحة هيلاري كلينتون على ويكيبيديا كذلك نظيفة، تحمل فقط ملخصًا مطهّرًا للجدلية التي أثارتها تسريبات بريدها الإلكتروني (البيتزاقيت، سيأتي ذكرها لاحقًا)، كما لا يوجد أي ذكر أبدًا لتسريبات ويكيليكس لإيميلاتها. المقال محمي (مُجَمّد) بحيث لا يستطيع تحريره إلا المدراء الأعلى رتبة، كما أنه يحتوي على خيار الاستماع إليه صوتيًا مما يعني أنه سيبقى مجمدًا على تلك الحالة (20).

مجهودات ضخمة تبذلها زُمرة المحررين المدفوعة أيديولوجيا لتلميع السياسيين، نظرًا إلى انتشار هذه الفرق على المنصات الالكترونية الأخرى مثل فيسبوك وريديت وإنستغرام وتويتر خلال انتخابات 2016. حملة لجنة العمل السياسي SuperPAC التي يملكها جامع التبرعات والمستشار لدى كلينتون ديفيد بروك David Brock والمسماة: صحّح السجل Correct the Record (CTR)، صرفت على الأقل مليون دولار خلال الانتخابات "لتقاوم" المنشورات السلبية حول كلينتون كجزء من برنامج يدعى كاسروا الحواجز Barrier Breakers (21). من غير الممكن أن عملية كهذه أهملت ويكيبيديا والتي تستخدمها المنصات الالكترونية الرئيسية كأداة لفحص الحقائق. بروك كان تحت الرقابة الشديدة سابقًا لتحايله على قوانين تمويل الحملات، لجان العمل السياسي SuperPACs ليس مسموحًا لها أن تنخرط في الانتخابات، ومؤسسة بروك Media Matters for America هي مؤسسة من نوع 501(c)(3) وبالتالي فهو محظور عليها إجراء أي نشاط سياسي بالنيابة عن أي مرشح (22)، مثلها مثل ويكيميديا. متعهد سابق في حملة CTR قَدّر مصروفات الحملة بحوالي خمس إلى ست ملايين دولار في منشور على موقع 4chan، حيث حفّز المتابعين بأن يسجلوا بالحملة ليحصلوا على المال بطرق بسيطة، شارحًا ذلك بأن موظفي CTR أُعطوا حسابات مسجلة بتواريخ قديمة وذات رتب عالية ليندمجوا بسرعة وبسهولة في المناقشات (23). التسلل إلى ويكيبيديا أسهل من هذا بكثير، فالمحرر يستطيع ببساطة أن يغير معرّفه لو كان عليه عقوبات انضباطية، كما هي عادة المحررين المدفوعين أيديولوجيًا. أي محرر في ويكيبيديا يحاول أن يحقق في هذا النوع من التحايل يمكن أن يجد نفسه محظورًا إلى أجل غير مسمى، مثلما حدث لساشيرولز ـSashiRolls الذي أطلق صافرة إنذار على المحرر سيجكاندور Sagecandor الذي قلب رأسًا على عقب محتوى الكثير من المقالات المتعلقة بحملة كلينتون 2016 قبل وقتٍ قريب من الانتخابات. 904 تعديلاً على مقال مواقع الأخبار المزيفة fake news websites، وَ631 تعديلًا على مقال التدخل الروسي في انتخابات 2016 Russian interference in the 2016 election (24). ادّعى سيجكاندور بأن ساشيرولز هو جزء من حملة الكرملن التضليلية (25) فاتهمت لجنة ويكيبيديا ساشيرولز "بالتقصّد الويكيبيدي" [3] وحُظِر من التحرير لأَجَلٍ غير مسمى. سيجكاندور وحلفاؤه واصلوا تشويه سمعة ساشيرولز بينما هو محظور من الرد حتى وجد أحد المشرفين دليلا قاطعًا بأن سيجكاندور كان في الحقيقة مجرد "دمية يدوية" لمستخدم محظور، مدافعًا عن ساشيرولز الذي مع الأسف بَقِيَ محظورًا (26).

المؤسسات غير الربحية مثل ويكيميديا هي محظورة كذلك من العمل لأجل مصالحها الخاصة، حيث يجب ألا يكون هنالك أي جزء من صافي الأرباح مخصصًا لأي مساهم أو لأي فرد أيًّا كان مركزه (27). لكن ويلز استخدم البطاقة التأمينية الخاصة بويكيميديا لدرجة أنه أُعفي منها في 2006 بعد أن اُكتشف بأنه يسجل فواتير بقيمة 1,300 دولار لوجبات شرائح لحم ومصروفات أخرى ضخمة على حساب "المؤسسة غير الربحية" (28). تورط ويلز في 30,000 دولار من المصروفات سُجِّلت على المؤسسة لم يستطع أن يعرض فواتيرها. لكنه كما يُزْعَم تَوَصّل إلى اتفاق مع محامي المؤسسة ليدفع أقل من ثلث تلك المصروفات. مؤخرًا، أخذ ويلز نتائج تدقيق مناسيان واستخدمه كخطة عمل لويكيتريبيون WikiTribune، والتي أُنْشِأَت بوصفها منصة إخبارية عالية الحياد يديرها صحفيون "ودودون"، مدعومون بجيش من المحررين المتطوعين ومدققي الحقائق. الصحفيون المحترفون سيُدفع لهم من خلال اشتراكات القُرّاء، بينما سيعمل المحررون المتطوعون في ويكيتريبيون بنفس طريقة ويكيبيديا. وما هي مهمة ويكيتريبيون؟ أن تنافس الأخبار الزائفة.

في 2011 سَكَّ موقع XKCD للرسوم الساخرة مصطلح (تَخَلُّق المصدر citogenesis) ليصف به عملية التوثيق الدائري في ويكيبيديا، حيث تُكتب معلومات غير محققة في مقال على ويكيبيديا، ثم يَستخدم تلك المعلومات صحفي "سيء النظافة البحثية" في مقاله، فيُستخدم مقال هذا الصحفي كمصدر لتوثيق المعلومات في مقال ويكيبيديا الأساسي الذي كان ابتداءً هو مصدر الصحفي لتلك المعلومات. من المستحيل حساب مدى انتشار هذه الظاهرة، لكن في يناير 2015 بينما كانت لجنة التحكيم ArbCom تحاول حل قضية انضباطية تضم عشرات المحررين من الطرفين في قضية القيمرقيت [4] GamerGate، نشرت صحيفة القارديان the Guardian (والتي كان ويلز أحد أعضاء مجلسها حتى 2017) بأن إجراءات اللجنة انتهت بحظر خمس محررات نسويات. مقال القارديان يمثل وجهة نظر الإعلام الرسمي بخصوص القيمرقيت، والتي تقول بأن الإنترنت مليء بالتحيز الجنسي sexism وكراهية النساء misogyny، وبأن الشبكة بحاجة إلى إصلاحات ترفع تمثيل الإناث في الألعاب، والبرمجة، وفي تحرير ويكيبيديا كذلك. قامت صحف أخرى كثيرة بنقل ما ورد في مقال القارديان دون تحقيقه. هنالك على الأقل محرر واحد من ويكيبيديا تواصل عبر البريد الالكتروني مع كاتب المقال، ولكن بلا فائدة. مع هذا الكم من "المصادر الموثوقة" التي تتهم لجنة التحكيم بالتحيز في قضية القيمرقيت، نُشر مقال على ويكيبيديا بعنوان فضيحة التحكيم ArbitrationGate ليناقش رواية الإعلام الرسمي للقضية. يحتج المقال بأن محتوى الصحف كان كاذبًا وبأن القضية لم تكن أُغلقت بعد عندما نشرت القارديان مقالها، لكن لم يكن هنالك أي "مصادر موثوقة" تدعم ادعاء ويكيبيديا بأن القضية لم تغلق[5]، فويكيبيديا ليست مصدرًا موثوقًا حتى عن نفسها (29). في قضية مشابهة، قيل للمؤلف فيليب رُثْ Philip Roth عندما راسل ويكيبيديا بخصوص أخطاء في مقال يتعلق بمؤلفاته بأنه ليس مصدرًا موثوقًا لتصحيح المعلومات المغلوطة عن كتبه التي ألّفها. لقد كشفت القيمرقيت إسفاف سياسة المصادر الموثوقة في ويكيبيديا. ومع ذلك فقد صوّر ويلز نموذج ويكيبيديا بوصفه الإجابة الحاسمة لمسألة "الأخبار المزيفة"، وقال في كل إحدى مقابلاته بأن ويكيتريبيون (التي يعمل فيها المحررون بنفس طريقة ويكيبيديا) ستنقذ "الحقيقة المهددة بالانقراض".

مؤسسة ويكيميديا لديها شركة فرعية للأخبار، ويكينيوز[6] WikiNews، تعمل ضمن قيود المؤسسات غير الربحية. تفترض تسمية ويلز للمشروع الجديد بويكيتريبيون WikiTribune بأنه سعى عن عمد لاستغلال الغموض الناشئ من اسم العلامة التجارية، الذي يلصقها بمؤسسة ويكيميديا مع أن ويكيتريبيون مؤسسة مستقلة. في الشهر الماضي أعلنت ويكيتريبيون بأنها تحولت إلى نموذج يعتمد بالكامل على المتطوعين، مما يضعها في صراع مباشر مع ويكينيوز WikiNews بطريقة هي على الأقل غير أخلاقية إن لم تكن غير قانونية (ويلز وصي على مؤسسة ويكيميديا التي تتبع لها ويكينيوز، كما أنه مدير عام ويكيتريبيون). من حقنا هنا أن نسأل، ماذا سيحدث لتبرعات المشتركين لويكيتريبيون بما أنها ستتحول إلى نموذج يعتمد بشكل كامل على المتطوعين؟ بما أن القراء الآن لا يدفعون للكتّاب رواتبهم، فإنه لم يعد لهم أي حق في اختيار المواضيع التي ستُغطيها ويكيتريبيون، رغم أن هذا كان من المحفزات الدعائية الأولى للاشتراك في ويكيتريبيون.

الحقيقة أن ويلز لم يخطط إطلاقًا لمنح المشتركين أي سلطة على محتوى ويكيتريبيون، ففي 2017 قال على مناقشة في Reddit ask me anything: «لو أن 10,000 مهتم بقضية بيدزاقيت[7] Pizzagate وقّعوا عريضة لنحقق في القضية، فقد تحبطهم النتيجة» (30). رغم أن ويلز أقنع مجموعة المشتركين الأولى في ويكيتريبيون بوعد ضمني لفئة منهم من هواة العملات الإلكترونية بأنهم يستطيعون توظيف صحافي بأموال الاشتراك ليكتب بعمق عن البيتكُويِن Bitcoin (31). تزعم ملاحظة نُشرت على موقع ويكيتريبيون، بأن تسريح الصحافيين كان مجرد إجراء مؤقت بنية توظيف صحافيين "منحازين لتوجهات المجتمع" في المستقبل (32). لكن من الواضح أن الصحافيين لم يعجبهم تحكم مشرفي الموقع بهم، ذات المشكلة المزمنة التي لازمت ويكيبيديا منذ نشوئها، والتي أدت بالمؤسس الآخر لاري سانجر إلى أن يتخلى عن المشروع.

 

التحرير بمقابل:

قوانين ويكيبيديا موضوعة للاستعراض أكثر منها للتأثير، يتجلى ذلك في قضية تضارب المصالح. التحرير المدفوع هو مسألة أخلاقية شائكة في ويكيبيديا منذ أيام الموقع الأولى، والذي شُوّه بفضيحة تلو الأخرى. في 2009 سمح ويلز بقانون يسمح بالتحرير المدفوع. القانون الجديد بالطبع ليس متاحًا للكل، فهذا سيكون أسوأ بكثير من موكب الفضائح، لكنه يسمح للمحرر الموظف من قبل طرف ثالث بأن يحرر محتوى ذلك الطرف الثالث على الموسوعة بلا حدود، شريطة أن يعرض المحرر أي تضارب ممكن في المصالح على صفحة المستخدم خاصته. القانون مستفحل الثغرات حدّ أن شركات العلاقات العامة مثل Bell Pottinger (والتي كُشفت عدة مرات تحرر صفحات ويكيبيديا لزبائن مثل South Africa’s Oakbay Investments وَ Paramount Group) تستطيع أن تحرر صفحات ويكيبيديا دون أن تُعدل كتاباتها.

كل هيكل ويكيبيديا يعتمد بشكل أساسي على إخفاء هوية المستخدم، لذلك سياسة عرض تضارب المصالح دائما ما كانت معتمدة على نظام مثالي من الشرف وليس على القوانين، فالمستخدم يستطيع أن ينشئ حسابًا آخر ويحرر من خلاله. تحولات ويلز إزاء القضية متغيرة باستمرار حدّ أنه من الصعب تحديد موقفه الحقيقي منها، لكن بالنظر لما يسمح به تحت سقف بيته حيث أن زوجته كاثرين قارفي Katherine Garvey تعمل لحساب اتصالات فرويد Freud Communications، وهي مؤسسة عدلت صفحتها في ويكيبيديا كأولئك العملاء لسنوات فإنه ليس من المخاطرة أن نقول بأن تناقضه مع سياسة تضارب المصالح ليس مجرد تنظير فلسفي. في الحقيقة أُتهم ويلز في 2006 بتحرير ويكيبيديا مقابل تبرعات لمؤسسة ويكيميديا عندما ادعى مطور البرامج جيف ميركي Jeff Merkey بأن مؤسس ويكيبيديا عرض عليه أن "يلمّع" مقال سيرته الذاتية على ويكيبيديا مقابل تبرع سنوي للمؤسسة بمقدار 5,000 دولار. أنكر ويلز كل الاتهامات، لكن صفحة مناقشة قضية ميركي توضح بأنه فرّغ صفحة ميركي، وطلب من المحررين بأن "يكونوا حذرين جدًا من أن يكونوا مهذبين أو يحسنوا الظن" يعني فما يتعلق بسيرة ميركي، ووضع طبقة أخرى من الحماية ليمنع المستخدمين غير المسجلين بالموقع من تعديل النص. يقول ميركي بأن لجنة التحكيم ArbCom حظرته كانتقام لإيقافه تبرعه السنوي. يرد ويلز منكرًا «لم أكن لأعرض أو أقبل عرضًا من أحدهم بحيث يضمن له تبرّعه معاملة تحريرية خاصة في الموسوعة» (33)، قائمة المتبرعين لمؤسسة ويكيميديا من الشركات الثقيلة مثل Pfizer وَ Goldman Sachs وَ Boeing وَ Bank of America وَGE ، والشخصيات فاحشة الثراء مثل جورج سوروس George Soros وَ ديفيد كوك David Koch وَ مارك زوكربرق Mark Zuckerberg، لم تُجر أبدًا في الطين (لم تُنتقد) على "الموسوعة الشعبية"، وليس هنالك من سبب يدفعنا لنصدق بأن أولاء يدعمون فورات ويلز الخيرية بدافع الإحساس المحض بالواجب الاجتماعي، فهؤلاء قد أكدوا مرة تلو أخرى بأن ليس لديهم هذا النوع من الإحساس. بالنسبة لويلز، فالمشكلة ليست في التحرير بمقابل، بل في فعل ذلك بحذق. مواقع مثل Wiki-PR وَ MyWikiBiz (مواقع علاقات عامة لتعديل صفحات ويكيبيديا) ذات الطابع التجاري الواضح، تُبدد وهم الموسوعة المحايدة، مع أنها لا توفر شيئًا جديدًا لا يوفره محرروا ويكيبيديا تحت الطاولة في مواقع الأعمال الحرة مثل Fiverr.

 

التلاعب السياسي:

الشركات والأفراد ليسوا الوحيدين المهتمين بإعادة كتابة التاريخ، وتعديل ويلز لصفحته الشخصية ليس سوى قِطَع من البطاطا الصغيرة أمام طموحات بعض من محرري ويكيبيديا، لكن حتى التعديلات التي تبدو تافهة، يمكن أن يكون لها تأثير كتأثير الفراشة [8]. تعلم ويلز أساليبه في السياسة الخارجية من توني بلير [9] Tony Blair، المدير السابق لزوجة ويلز، وبالتالي فويلز لا يرى أي تضارب أخلاقي في بيع التغطيات المتحيزة لأكثر الأنظمة وحشية في العالم. ويلز شخصيًا شذّب مقالًا في ويكيبيديا لإحدى مديرات مؤسسة توني بلير Tony Blair Faith Foundation، معترفًا على صفحة النقاش الخاصة بالمقال بأنه كان ينصح المؤسسة بشكل غير مباشر حول استراتيجياتها الدعائية على الإنترنت بإشرافه على حذف فضيحتين من سيرة المديرة. عندما قام أحد المحررين بإدراج وظيفة ويلز "بالاستشارات غير المباشرة" في مقال مؤسسة توني بلير، قام ويلز نفسه بحذف ذلك، أما تضارب المصالح فإلى حيث ألقت رحلها أم قشعم. استمر ويلز بتدليك المقالات المتعلقة بمؤسسة بلير، وقد ردوا له الجميل بصورة تذكارية يقطعون فيها كعكة بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس ويكيبيديا (34). خلال زواج ويلز من زوجته الثالثة والسكرتيرة السابقة لأعمال توني بلير اليومية، الزواج الذي حضره بلير وزوجته، كان ويلز يحظر مستخدمي ويكيبيديا الذي يذكرون صداقته مع بلير من صفحة النقاش الخاصة بسيرته الشخصية (35).

بينما كان ويلز يدعك البقع على سيرة بلير، بلير كان يقوم بذات الشيء لكن على مستوى دول. في أبريل 2016، كشفت رسائل إلكترونية مسربة بأن رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف دفع إلى توني بلير 29.1 مليون دولار مقابل حملة تلميعية. بينما كانت تسجل كازاخستان هبوطا بثمان مراتب في مؤشر حرية الصحافة العالمي وثمانية عشر مرتبة في مؤشر مدركات الفساد، كان بلير يساعد نزارباييف في إيقاف تحقيقٍ عالمي في مقتل 15 محتجًا في إضراب لعمال النفط في مدينة جاناوزن، ويروّج لحكومته على أنها «قصة نجاح مذهلة» (36). في 2011، منح ويلز النسخة الأولى من جائزة "ويكيبيدي السنة Wikipedian of the year" إلى راوان كنزخانولي Rauan Kenzhehkanuly لجهوده في تسهيل هيمنة ويكيبيديا باللغة الكازاخية على نتائج بحث الإنترنت. دفاعات ويلز بأن مؤسسة كنزخانولي، ويكيبيلم WikiBilim، ليست سياسية لم تكن قابلة للتصديق حيث أن تحقيقًا خاطفًا كشف بأن كنزخانولي كان موظفًا رسميًا في الحكومة وفي التلفاز الرسمي، وبأن مؤسسته WikiBilim تلقت تمويلًا بمئات آلاف الدولارات من صندوق الثروة السيادي. في مايو 2011، استفسر القيم على ويكيبيديا صاموئيل كلين Samuel Klein من WikiBilim عن الطريقة الأفضل لنقل 15 جزءًا من الموسوعة التاريخية التي مولت كتابتها الحكومة الكازاخية إلى ويكيبيديا باللغة الكازاخية (37). المناقشة كشفت عن عدة موظفين رسميين في حكومة كازاخستان ضمن الأعضاء الفاعلين لمؤسسة WikiBilim وبأن ويكيبيديا باللغة الكازاخية أصحبت مجرد نسخة من التاريخ الذي تعتمده الدولة. في نهاية 2011، وُصِفَت WikiBilim في مستندات مؤسسة[10] Creative Commons بأنها «مؤسسة غير ربحية تعمل كذلك كممثل لويكيميديا في كازاخستان. WikiBilim مُأَيَّدة من قبل حكومة كازاخستان، وبشكل شخصي من قبل رئيس الوزراء كريم ماسيموف» (38).

بعد تأمين ويكيبيديا الكازاخية بوضعها بالكامل تحت أيدي الحكومة، بدأ ويلز ينتقد النظام الكازاخستاني على موقع مؤسسته الخاصة مؤسسة جيمي ويلز Jimmy Wales Foundation (39). ويلز في ديسمبر 2012 كان ما يزال مصرًّا بأن WikiBilim مؤسسة غير سياسية عندما أغلق مناقشة بعد أن وُوجِهَ فيها بدليل قاطع على علاقة WikiBilim بالحكومة (40). في 2014 عُيّن كنزخانولي نائب محافظ، وفي أبريل 2015 على صفحة "اسألني أي شيء" بموقع Reddit أبدى ويلز ندمه بصراحة على منحه كنزخانولي جائزة ويكيبيدي السنة. كما بدا أن ويلز انقلب على عرّابه السابق بلير: «توني بلير حتمًا يجب أن يُنقد بقسوة لأخذه أموالًا من كازاخستان. إنني أشجب ذلك دونما تحفّظ» (41).

في 2017 أنشأ ويلز مؤسسة جيمي ويلز Jimmy Wales Foundation لدعم حرية التعبير(42)، والتي -بالرغم من هدفها المزعوم بالنضال من أجل حرية الصحافة- لم تفعل شيئًا سوى أنها عَيَّنت محاميًا إسرائيليًا لحقوق الإنسان، أوريت كوبل Orit Kopel، والذي كان كل ما يفعله هو إعادة نشر مقالات تنتقد بعض الأنظمة بشكل انتقائي (43). لا مقال من هذه المقالات يكشف ما يفعله القناصة الإسرائيليون الذين كانوا يستهدفون الصحافيين الفلسطينيين بعمد في مسيرة العودة هذا الصيف. صحافيون وناشطون فلسطينيون، ومستخدمون عاديون لمنصات التواصل يُضطهدون بشكل متزايد بدعوى "التحريض" لمجرد أن أحدهم يسجل إعجابًا بمنشور على الفيسبوك، والذي قد يكون حتى خاليًا من أي محتوى سياسي. منذ أكتوبر 2015، أكثر من 280 مستخدم لمنصات التواصل الاجتماعي أُعتُقِلوا بدعوى التحريض على العنف، وكثير من حسابات الحصافيين الفلسطينيين المؤثرين اُغلقت (44). قمع كهذا كان مصممًا خصيصًا لدور مؤسسة ويلز في النضال من أجل حرية الصحافة، لكن ويلز وكوبل يلتزمان الصمت. استلم ويلز في 2015 من إسرائيل جائزة دان ديفيد Dan David مليون دولارًا، لكن ولاءه كان قد أُشتريَ قبل ذلك بوقتٍ طويل. رئيس ويكيميديا الإسرائيلية ومتحدثها الرسمي هو إتزك إيدري Itzik Edri، الذي ترأس لجنة توزيع الأموال بمؤسسة ويكيميديا العالمية WMF، كما أنه كان يدير العلاقات العامة للرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز (والذي أجرت معه WikiNews مقابلة في 2004). خشية أن توضع جهوده البروباغاندية موضع أي شك، مُنح إيدري جائزة Roaring Lion من منظمة العلاقات العامة الإسرائيلية Israeli Public Relations Association مقابل مجهوده في حملة ويكيبيديا خلال ذكرى تأسيسيها العاشرة. كما أنه عمل مباشرة مع تزيبي ليفني رئيسة حزب هتنوعا الإسرائيلي (المدمج بالاتحاد الصهيوني الآن) والمعارضة في الكنيست.

إسرائيل اتخذت جحورًا في المناصب التحريرية للموقع منذ زمن بعيد قبل حتى أن يفكر نزارباييف (ونظيره الأذربيجاني علييف الذي رعى مبادرة ويكيديز WikiDays في 2014 لحماية مصالح أذربيجان في ويكيبيديا وحماية معلومات الدولة من التزييف (46)) في أن يستخدم ويكيبيديا كأداة سياسية. كشف تحقيق نُشر في أبريل 2008 أن لجنة متابعة الدقة لتقارير الشرق الأوسط في أمريكا (كاميرا CAMERA) كانت تُعلِّم عملاءً لها لسنوات كيفية إعادة كتابة التاريخ في ويكيبيديا، كانت تدربهم بأن يتجنّبوا لفت انتباه المحررين الآخرين بأن يلتزموا بكتابة المحتوى المحايد لعدة شهور ثم يتحولوا لتحرير المقالات المتعلقة بإسرائيل. دُرّبُوا على التلاعب بنظام قوانين ويكبيديا، حيث يعيدون صياغة التعديلات غير المسالمة ويحظرون المحررين غير الودودين تجاه إسرائيل، وشكّلوا تحالفات مع المحررين الآخرين غير التابعين للمنظمة ليستطيعوا شق طريقهم إلى مناصب التحرير الإدارية كي يساعدوا المحررين العملاء في المراتب الأدنى. هذا التنسيق حدث في أحد مجموعات قوقل والتي سُميت إسرابيديا Isra-pedia (47). عندما فُضح هذا التشكيل، كُتِب ذلك مباشرة في صفحة كاميرا CAMERA على ويكيبيديا ليحذفها مستخدم من مكاتب وزارة العدل الأمريكية. ثم حظر محرر إداري كل عناوين آي بي IP وزارة العدل الأمريكية لعدة أيام، وحُظِر مستخدمون آخرون متورطون في تحريرات كاميرا من تعديل مقالات ذات عناوين محددة تتعلق بالصراع العربي الصهيوني، ومستخدم واحد فقط حُظر بالكامل (48)، لكن عقبة كهذه من السهل جدا تجاوزها في موقع يعتمد بشكل أساسي على إخفاء الهوية. فمن يصبر على إجراء مئات التعديلات المحايدة على المقالات ليحصل على ثقة مجتمع المحررين ليتمكن من المساهمة في الحملة الصهيونية لإعادة كتابة التاريخ، فهو يملك الصبر الكافي ليعيد العملية من جديد.

في 2010، بدأت مجموعتان أخريان في تقديم دروس علنية في "التحرير الصهيوني"، هما مجلس يشع Yesha Council وَ إسرائيلي My Israel (49). شُكّل مجلس يشع في سبعينيات القرن الماضي للترويج للمستوطنات (المغتصبات) اليهودية في الضفة الغربية الفلسطينية وقطاع غزة - المغتصبات التي تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي والمشهورة بالاستيلاء على الأراضي بالقوة. لا شيء من هذا مذكور في سيرته على ويكيبيديا. بدلًا من ذلك، نجدنا أمام تصريحات أييليت شاكيد Ayelet Shaked، وزيرة العدل الإسرائيلية، التي نظمت مشروع يشع الاستخباري على ويكيبيديا: «بالتأكيد لم يكن مؤامرة صهيونية للاستيلاء على ويكيبيديا». عندما نوقش ويلز في مسألة خلايا التحرير الصهيونية هذه في ويكيبيديا، وضع حماية شكلية على مقال "إسرائيل"، مدعيًا أن عمل المجموعات الثلاث لم يكن له أي تأثير (50). يؤكد ويلز دائمًا للويكيبيدييين بأن ليس هنالك عُصبة حاكمة في ويكيبيديا، حتى في الوقت الذي كانت فيه مجموعات من الإداريين المتجولين تصوت دفعة واحدة على تعديلات لمقالات سياسية. توسعت Yesha منذ ذلك الحين لتشمل فيسبوك ويوتيوب، مستقطبةً 12,000 عضو في عام 2010 (51)، عبر تطبيق الهواتف الذكية Act.IL الذي طُوّر بالتعاون بين وكالات الاستخبارات الإسرائيلية، والذي أُطلق في 2013 لتحويل الهزبرة "hasbara" (المصطلح العبري للبروباغاندا) إلى لعبة. يعطي التطبيق فرصة للمستخدمين ليجمعوا "نقاطًا" عبر إكمال مهام سريعة، مثل تحرير مقال على ويكيبيديا، ونشر تغريدة، والإعجاب بمنشور، مِمَّا يَخلقُ وهمًا بأن هنالك آلاف النشطاء الصهيونيين المستقلين الذين يعملون جميعًا من أجل غاية عامة واحدة. كُرّرت هذه الممارسة في السنوات الأخيرة من قبل مجموعات غير إسرائيلية، مما أدى إلى حظر العديد من الحسابات المثيرة للجدل في مواقع التواصل الاجتماعي. تتخصص حسابات في تويتر مثل حساب SleepingGiants في نوع من الترويج الجماعي للتقارير والأخبار، والذي يُعرف "بتشكيل الألوية"، حيث تُهاجم هذه الألوية حسابات أخرى مما يؤدي إلى حظرها سواء كان أصحابها منتهكين بالفعل لسياسات الاستخدام أم لا.

أقصى أشكال التعسف في استخدام ويكيبيديا قد يكون من قبل قوقل، الذي طورت شكرته الفرعية Jigsaw برنامجًا اسمه Conversational AI ليحدد جذور كل "خطابات الكراهية" والتنمر في الشبكة قبل أن تتنامى على منصات التواصل الاجتماعي وأقسام التعليقات المختلفة. أحد أدوات البرنامج اسمها Detox، لُقِّمَت بتعليقات ويكيبيديا طيلة 14 سنة لتعليم البرنامج تحديد أنماط "السلوكيات التعسفية". بعد أن حُشِيَ البرنامج ببيانات عشوائية (100,000 تعليق من صفحات المناقشات بويكيبيديا كُتِبت بواسطة 4,000 شخص) ادعى الباحثون بأن الخوارزمية استطاعت أن تميز التعليقات الهجومية من العادية، كما استطاعت أن تحدد ما إذا كان الهجوم تم بواسطة فريق من ثلاثة أشخاص. قاموا بعد ذلك بتمرير 63 مليون تعليق عبر الخوارزمية وقالوا بأن نتائج المشروع علمية. النتائج أشارت بأن أكثر من نصف التعليقات المسيئة على ويكيبيديا كتبها مستخدمون مسجلون، حيث يكثف تقرير النتائج استخدام مصطلح المتنمرين المتخفين [11] Anonymous trolls، اكتشافٌ يُعَدُّ مُهمًا جدا لأجندة قوقل وبقية منصات التواصل التي تطمح لاستئصال إخفاء الهوية من الشبكة (52). يفقد المعلقون حقوق النشر لتعليقاتهم بمجرد وضعها على ويكيبيديا، لكن على الأرجح أن المحررين لم يريدوا لتعليقاتهم أن تكون غذاء لقاعدة بيانات لا يمكن إخضاعها للمساءلة تُدار بواسطة تكتل تقني قد أبدى في الماضي بصراحة عداءه لمفهوم حرية التعبير، والآن هو يعمل دائبًا ليتسلط على مستخدمي الانترنت في الولايات المتحدة وخارجها. لأسباب كهذه صار الاحتفاظ بالمحررين مشكلة جدّ كبيرة في ويكيبيديا، حيث يؤدي فقط 1% من المحررين 77% من التعديلات على الموقع (53).

 

قمع البحث الأكاديمي الحر/القسم 230:

إذا كان مشروع الأخلاق الذي ابتدأته جامعة ويكييبديا [12] Wikiversity (ويكيفيرستي) له أي دلالة، فإن مهمة ويكيبيديا المعلنة بوصفها مصدر مفتوح للمعرفة زائفة. عندما حاول مجموعة من المستخدمين خلق مشروع أسموه "أخلاقيات تجارب خرق القوانين [13] The Ethics of Breaching Experiments" في بداية 2010، وهي عبارة عن تجربة تهدف إلى اختبار دفاعات ويكيبيديا ضد التحريرات التخريبية وخرق قوانينها الأخرى، قام ويلز مستفيدًا من نفوذه على الموقع بحذف المشروع بالكامل وحظر كل المستخدمين القائمين عليه. ويلز الذي لم يُبْدِ إطلاقًا أي اهتمام بويكيفيرستي تفاجأ برد الفعل العارم تجاه ما قام به. فبخلاف ويكيبيديا حيث يُبَجَّل بطريقة ساخرة جادة في آن واحد بوصفه "الإله الملك god-king"، فإن ويكيفيرستي آوت العديد من المستخدمين الذي حُظِروا من الموسوعة بسبب "خروقات أخلاقية" كتلك التي يناقشها المشروع، ولم يسعد بويلز أيًّا من هؤلاء عندما دخل مرةً إلى أحد الفصول الافتراضية. عندما احتج المستخدمون على قمعه للبحث الحر، والذي يمثل المهمة الظاهرية لمؤسسة ويكيميديا، هدد ويلز بإغلاق ويكيفيرستي بالكامل. قام مئات المستخدمين في المقابل بالتصويت على تجريد ويلز من امتيازاته التي حازها بوصفه مؤسسًا للموقع. تراجع في الأخير عما فعل، وفك الحظر عن "المفكرين المسيئين" وقلّص بنفسه صلاحياته الإدارية (54)، ولكنه فعل بعد أن قال لهم بأنه كان لديه "كامل الدعم من مؤسسة ويكيميديا" وأنه كان بإمكانه أن يُغلق مشروعهم متى ما أراد. فنيًّا، هذا الادعاء كاذب، لأن ويكيفيرستي يملكها المساهمون في محتواها وليست مؤسسة ويكيميديا، وكونها مستضافة على خادم ويكيميديا، فلأن أعضاءها قبلوا في الاتفاقية بتعزيز مهمة ويكيميديا المعلنة في دعم البحث الحر (55). منذ أن قام مسمي نفسه "ديكتاتور ويكيبيديا الخيّر" بإغلاق مشروع نصف مستقل لمجرد أنه يؤدي دوره بوصفه مشروع بحثي - حيث أن ويكيفيرستي أُطْلِقَت لإجراء هذا النوع من الأبحاث الأصيلة[14] original research الممنوع إجراؤها على صفحات ويكيبيديا أصبح الموقع معطوبًا بطريقة لا يمكن إصلاحها. سلوك كهذا قد يكون تجاوزًا للقسم 230 من قانون آداب الاتصالات بما أنه يتضمن تدخلًا متعمدًا من ويلز في محتوى المؤسسة.

ويلز نفسه اعترف بأن ويكيبيديا ليست منصة للحياد المحض التي يحميها القسم 230: «الناس يُحبَطون حيث أنهم يعتقدون أن كل شيء مبني على التصويت. لكننا نعمل في موسوعة هُنا، إنها ليست تجربة ديموقراطية مفتوحة» (56). كحكومة الولايات المتحدة، ويكيبيديا تُغذي مستخدميها بوهم المشاركة في النظام الديموقراطي، وبمجرد أن يشذوا عن المقاييس السلوكية المقبولة حكوميًا، فإن الجهات التنفيذية تقف بالمرصاد لإعادة ضبط النظام. كنوع من السمسرة لنظامه على أنه أفضل الأنظمة الممكنة في العالم، يشرح ويلز كيف أن المنصات المحايدة سابقًا ما وُجدت في الحقيقية إلا «لتبني برمجيات أفضل حتى تعطي المجتمع قدرة أكبر على التحكم، بحيث أن الأصوات الأفضل تبرز، وأما الموجودون بلا أية غايات بنائية، فإنهم يُهمّشون ويؤمرون بالمغادرة». سياسات كهذه هي اختراق صارخ للقسم 230 من قانون آداب الاتصالات[15]، والذي يحمي مواقعًا كويكيبيديا من الدعاوى القضائية الناشئة من المحتوى المعروض على منصاتها (بما أنها لم تنتجه)، لكن يبدو أن ويلز يشعر بأن ليس عليه أن يلتزم بالقانون الأمريكي طالما أنه يعيش في لندن. من المؤسف أن مؤسسة ويكيميديا لم يزل مقرها في وادي السيليكون [16] Silicon Valley، وويكيبيديا، مثل فيسبوك وتويتر وبقية منصات التواصل الاجتماعي، لم تزل تتعرض لاحتجاجات عارمة بسبب تنامي وصايتها على المستخدمين. بالنظر إلى عدد الأشخاص الذين شهّرت بهم ويكيبيديا ومحرريها، فإن على المؤسسة أن تفكر مرتين قبل أن تلقي بالقسم 230 أدراج الرياح.

 

التشهير:

بوصفها موقعًا مفتوح المصدر بعشرات آلاف المساهمين، فإنه ينبغي ألا يكون لويكيبيديا أي وجهة نظر خاصة، والحقيقة أنها رسميًا لا تملك الحق في أن يكون لها ذلك. المقالات ينبغي أن تُكتب من وجهة نظر محايدة Neutral Point of View (NPOV)، وهناك قوانين أوجدت لتحمي الناس الأحياء من الافتراءات. كانت هذه القوانين مفروضة بقوة في السابق، أما الآن فهي ليست بتلك القوة حيث طُوِّرَت قنوات أخرى من القوانين لتُرَاوَغْ بها قوانين التشهير. أقسام كاملة بويكيبيديا الطب البديل، التغذية، الحركات السياسية التقدمية والحركات المعارضة أصبحت "سجون للسمعة"، حيث أن حروفًا فاقعة اللون غير قابلة للمحو تبقى موسومة على سيرة الشخص الذي كُتبت عنه. العلاج البديل Alternative Healing مكبّل بوسم "العالم الزائف pseudoscience"، مما يخوّل المشرفين عقاب كل من يجري تعديلات تحاول إنصاف العلاج البديل بالحظر أو الحجب. الصفحات السياسية الحساسة هي الأخرى ملغمة بالقيود الإدارية التي ترهب كل من يحاول أن يصحح أي معلومات مغلوطة. تصنيف شخص أو موضوع على أنه "هامشي FRINGE" يعني إعفاء المحرر من الالتزام بقانون الحياد NPOV، وبذلك لم يضيع المحررون المدفوعون أيديولوجيًا أي وقت في تقفيص ضحاياهم داخل غيتو[17] الانترنت هذا (ويكيبيديا).

ويكيبيديا لا تطالب المحررين بعرض أي دليل على خبرتهم بالموضوع قبل تحريره. حتى أنهم - بل وخصوصًا! - عنما لا يفهمون المصطلحات والمفاهيم الأساسية للمقال، يُدفعون دفعًا ليتفلسفوا فيه ضمن مجموعات مثل مجموعة حرب العصابات [18] Guerrilla التي تديرها سوزان جيربك Susan Gerbic. ما يُسمّى بالحركة العلمية التشكيكية Scientific Skeptic Movement أصبحت ذات نفوذ كبير جدًا في ويكيبيديا، حد أنها استطاعت أن تُقنع المحررين العاديين بأن موقعًا مثل موقع ستيفن باريت Stephen Barret المسمى مراقب الدجالين [19] QuackWatch وكل المواقع على شاكلته - والتي يكتب بها أفراد بلا أي خبرة عدا معاول لتهديم سُمَع الآخرين - هي مصادر موثوقة لسِيَرْ المختصين الذين مازالوا أحياءً، مع أنه تبعًا لقوانين ويكيبيديا فإن كتابة هذه السِّيَرْ تتطلب معايير عالية من الموثوقية لتجنب التشهير. لقد أعلن ويلز "موسمًا للصيد المفتوح" في 2014 على الطب البديل Alternative Medicine، رافضًا عريضة تطالب ويكيبيديا بمعاملة هذه الموضوعات بالقدر من الاحترام الذي يقدمه المجتمع العلمي وبأن تتوقف عن وصم أقسام علمية كاملة للعلاج البديل "بشعوذة المخابيل lunatic charlatans" (57)، ولكن التشكيكيون متغلغلون في ويكيبيديا منذ زمن طويل. عبر سنوات من توظيف الرعاع  باستجلاب كتل من خارج ويكيبيديا لدعم وجهة نظر محرر ما خلال نزاعات التحرير الإدارية استطاع المشرف بموقع QuackWatch، بول لي Paul Lee، أن يحظى بالنصاب المحدد من الانتصارات التحريرية ليُعمّد بذلك موقع QuackWatch بوصفه مصدرًا موثوقًا لويكيبيديا. فقد راسل قائمة من إيميلات مجلة المشكك Skeptic، واستدعى مجموعات كبيرة مُكَرَّسَة "لفضح" الكيروبراكتيك [20] Chiropractic، معها عناصر من الموقع المغلق حاليا سكيبتك-ويكي[21] SkepticWiki، تتكتل كجيش من المحررين التشككيين يعملون لصياغة وجهة نظر ويكيبيديا الرسمية لتكون على مقاس الحركة التشكيكية.

حجم العلاقة بين بول وويلز ليس معروفًا، لكن بول كتب عددًا كبيرًا من التعليقات المؤيدة على صفحة نقاش ويلز. بطريقة ما فإن سياسة ويلز المعلنة [تحولت من]: «المحرر الذي لا يراعي بأن هنالك أشخاص يحاولون تعديل ما كُتب كذبًا عنهم، فيقوم بإعادة تعديلاتهم إلى السيرة الأولى، يرتكب حماقة مخيفة... إن هؤلاء أناس حقيقيون، وقد يؤذيهم ما تكتبه عنهم. نحن لسنا صحيفة شعبية للفضائح، إننا موسوعة» (يوليو 2006) (58) - [إلى]: «ما لن نفعله هو أن ندعي بأن عمل مشعوذ مخبول يمكن أن يكون مساويًا "للسرد العلمي الحقيقي"» (مارس 2014) (59). لم يكن ويلز إطلاقًا من المتقبلين لنماذج العلاج البديل، فهو يؤمن بأن العلاج بالموارد الطبيعية homeopathy ينبغي أن يكون محظورًا قانونيًا (60)، لكن يبدو أن جهود بول لي وسوزان جيربك وبقية التشككيين قد شجعته على أن يتخلى عن ادعاءه الحيادية إزاء "المشعوذين المخابيل" الذين يزدريهم بكل وضوح. لو كان الأمر مجرد تفضيل شخصي، لكانت اعتقادات ويلز مبررة، لكن اعتقاداته صارت انتهاكات ممنهجة لشخوص الأفراد عبر التشهير بهم على منصة عامة.

في مقابلة أجرتها مجلة Vanity Fair، اخترع ويلز نسخة جديدة من الأسطورة المؤسسة لويكيبيديا والتي تتغير باستمرار، حيث تقول الأسطورة بأن ويلز قرر إنشاء ويكيبيديا بعد أن وُلِدت ابنته بمرض نادر في الرئة. في الرواية الجديدة، حمل ويلز ابنته إلى طبيب خبير، هو الرأس في تخصصه، والذي أراد أن يجرب عملية طبية غير تقليدية. وعندما نجحت العملية قرر ويلز حينها أن يخلق موسوعة حتى يتمكن أي شخص من الاطلاع على المعارف التي يملكها ذلك الطبيب، (العلاج المعجز) بحسب وصف ويلز (61). هذه ليست المرة الأولى التي يحكي فيها ويلز هذه القصة، فقد حكاها حوار أجراه مع مجلة Forbes الهندية عام 2009، ذارفًا دمعةً من عينه بينما كان يحكي كيف أدرك عندما حمل رضيعته المتعافية بين ذراعيه "بأن لا أحد غير ذلك الطبيب سيعرف عن العلاج المعجز" لو لم تُحفظ تلك المعارف بطريقة ما (62). ربما نسي ويلز بأن مشاركة الأطباء لنتائج تجاربهم مع زملائهم ضمن الحقل الطبي هي مسألة بديهية. نظرًا للكراهية الأسطورية التي يحملها ويلز تجاه الطب البديل، تعجلنا نرجح بأنه من غير الممكن أن يكون قد أسلم ابنته لإجراء كالذي حكى عنه، فلو كانت فعلًا عولجت من قبل طبيب متمرد على أساليب الطب الحديث، فازدراءه لممارسي الطب البديل لا مبرر له. استخدامه لعبارة "العلاج المعجز" سيكون صافرة استدعاء لكلاب التشككيين. لا يوجد ممارس معتبر للطب البديل يصف عمله "بالعلاج المعجز"، وويلز يعرف ذلك.

الطبقة الحاكمة لويكيبيديا صريحة في أنها فوق قوانين الموقع وفوق القانون عمومًا. فلم يخوّل ويلز نَفْسَهُ بأن ينقح سيرته الذاتية بِنَفْسِهِ ويعيد كتابة التاريخ على مقاس المؤسسات المهيمنة وحسب، بل إن أولئك الذين يزدريهم - نشطاء سياسيون تقدميون، ممارسون للطب البديل، وكل من هو خارج المؤسسة النيوليبرالية تحولوا إلى ألعوبة بين أيدي آلاف من المحررين المجهولين ليشوهوا سمعة من يشاؤون منهم كيفما يشاؤون. التاريخ تُعاد كتابته ليوافق أهواء ويلز وحلفاؤه، وأولئك الذين تُدمّر سمعاتهم خلال العملية ليسوا سوى أضرار جانبية حتمية. ويلز وحلفاؤه التشكيكيون لم يفكّروا إطلاقًا في ملايين الناس الذين كان من الممكن أن يُعالَجُوا بالطب البديل ولكنهم انثنوا عن قرارهم لأنهم قرأوا شيئًا ما في ويكيبيديا. ليس هنالك طريقة لقياس الأذى الذي اُقترف بهذه الطريقة، لكنه بالتأكيد ضخم جدًا، وينبغي أن يحمل وزره أولئك المحررين الذين يعتقدون أنهم يقدمون خدمة ما باغتيالهم شخصيات ممارسي الطب البديل.

إصرار ويكيبيديا على سياسة إخفاء الهوية يُسَهِّل استخدامها للهجمات المدفوعة بدوافع شخصية وأيديولوجية. ليس هنالك طريقة لنعرف ما إذا كان المحرر لديه المعرفة المؤهلة التي تخوله بأن يحرر موضوعًا ما، أو أنه مدفوع بالخبث أو بمكاسب مالية أو بأي دوافع أخرى تجعله يغطي الموضوع بطريقة غير أخلاقية. تضارب المصالح، كما رأينا، هو استثناء أكثر من كونه قانون، حيث يبدو أن القانون الوحيد على ويكيبيديا المتعلق بالتحرير المدفوع هو "لا يُقبضنّ عليك".

 

أمثلة (بتصرف[22]):

روبرت شيلدريك Rupert Sheldrake هو بايولوجي ومؤلف معروف بنظريته حول التناغم النوعي [23] Morphic Resonance، والتي تفترض بأن "الأنظمة المُنَظَّمَة ذاتيًا تتوارث ذاكرة من الأنظمة السابقة المشابهة". الكائنات الحية والقطعان تتطور أو تتغيّر عبر مسارات غائية (ذات غايات محددة) سلكها الأسلاف، ومن خلال أنماط تكَرَّست في النظام عبر نشاطات عشوائية أو عفوية متكررة، سابقة ومعاصرة. النظرية تعيد تخيل كل شيء بالكامل، من مفهوم الذاكرة المادي (فالذاكرة لم تعد مجرد مخزون في مناطق ثابتة في الدماغ) إلى مفهوم اللاواعي الجماعي (فأفراد النوع الواحد يستطيعون الولوج إلى المعارف الكلية التي أنتجها نوعهم). كتب شيلدريك 13 كتابًا و85 بحثًا علميًا. لديه دكتوراه PhD في الكيمياء الحيوية من جامعة كامبريج. وهو عضو في المجتمع الملكي Royal Society، اكتشف نموذج التناضح الكيميائي chemiosmotic model لنقل الأوكسينات القطبية في النباتات (الأوكسين هو هرمون نباتي يؤثر في تخلّق الخلايا بأنواع مختلفة). سيرته على ويكيبيديا تركز بشكل كامل تقريبا فقط على الردود السلبية على أعماله وأفكاره بدون ذكر أي شرح معتبر لها. شيلدريك هو ناقد مفوّه لما يسميه الدوغمائية المادية dogmatic materialism المعششة في المؤسسات العلمية، والتي يقول بأنها أصبحت دينًا عصريًا. صراحته في هذه الجبهة النقدية جعلته عدوًّا للتشكيكية المنظمة التي أقامت أوركيسترا للنواح عقب عرضه[24] على منصة TEDxWhitechapel في يناير 2013، والتي أُتْخِمَت بها صفحته على ويكيبيديا.

جون بيلجر John Pilger صحفي أسترالي ومخرج أفلام وثائقية حائز على جوائز عديدة. الوثائقي الذي أخرجه عام 1979 السنة صِفر Year Zero، الذي صُوِّر عقب سقوط الخمير الحمر، حفز الكثير من المشاهدين ليقدموا تبرعات ضخمة لأول بعثة إغاثية للملكة المتحدة إلى كمبوديا شملت الأدوية والأطعمة والملابس. بيلجر عمل كمراسل حرب لصحيفة ديلي ميرور Daily Mirror في فيتنام وبيافرا وبنقلاديش وكمبوديا. كما أخرج عدة وثائقيات عن السكان الأصليين في أستراليا يفضح تشريع [25] 1998 الذي يحرمهم من حقوقهم ضمن القانون العام. الوثائقي الذي أخرجه عن الاحتلال الإندونيسي لتيمور الشرقية، موت أمة [26] Death of a Nation حقق تقييمًا قياسيًا وساهم في الاحتجاجات العالمية العارمة التي بلغت ذروتها بانسحاب إندونيسيا من المقاطعة عام 2000. ردود الفعل على أفلامه اُقتبست كدليل على أن البشرية لم تتهاوى في حضيض إعياء التراحم [27] بعد. بالرغم من ذلك تصف ويكيبيديا عمله بأنه "مليء بالأكاذيب"، مقتبسةً ذلك من الصحافي المحافظ أوليفر كام Oliver Kamm، والذي ليس لديه أي سُلطة صحافية، ولا أي خبرة في الصراعات الدولية أو صناعة الوثائقيات (63). للأسف أن نعوت ويكيبيديا بدأ يصبح لها تأثيرًا في العالم الواقعي، فقد صرح بيلجر بأن "مقالاته لم يعد مرحبًا بها" في الصحف الرسمية. بالنظر إلى سجله النجومي، فرفضه يعد أمرًا مرعبًا. عموده الأخير في الصحافة أُسقط من صحيفة القارديان the Guardian عام 2015، الصحيفة التي يضم مجلسها شخصيات لامعة من أمثال جيمي ويلز (64).

شاريل أتكيسون Sharyl Attkisson هي مؤلفة وصحافية تلفزيونية، والتي تقدم حاليًا برنامج القضايا العامة Full Measure with Sharyl Attkisson على عدة قنوات تملكها المجموعة الإعلامية Sinclair Broadcasting. كتابها Stonewalled كان من أفضل كتب نيويورك تايمز الإلكترونية مبيعًا. أتكيسون بدأت مشوارها الصحافي في عدة محطات بفلوريدا وأوهايو قبل أن تنتقل إلى CNN. انتقت في 1993 إلى CBS وقضت هنالك 21 سنة تعمل مراسلة محققة في مقر القناة بواشنطن. أتكيسون فازت بجائزة Emmy عدة مرات. ويكيبيديا أدخلت عنوةً في سيرتها نقد المدافع الشهير عن التطعيمات د. بول أوفت Dr. Paul Offit، الذي وصفها بأنها "ملعونة متواطئة" (66) بعد أن أذاعت مادة عن التطعيمات في برنامجها. جوائز أخرى عديدة تلقتها حُذفت من سيرتها كذلك، بينما كُرس أفضل جزء في صفحتها لتكذيب ادعاءها بأن حاسوبها أُخترق لأغراض تجسسية.

جيرمي كوربن Jeremy Corbyn هو سياسي بريطاني يعمل حاليًا رئيسًا لحزب العمال Labour Party ورئيسًا للمعارضة، وهو عضو برلماني منذ 1983، يُعَرِّف نفسه على أنه اشتراكي ديموقراطي. كوربن يناهض التدخلات العسكرية الخارجية لبلاده والخصومات التقشفية على الخدمات العامة، ويؤيد إعادة توطين الخدمات العامة في بريطانيا. اقترح على البنك الإنجليزي أن يمول الإنفاق العام ذا النطاق الواسع كالسكن والطاقة ومشاريع النقل، ودعا لتطبيق سياسة التيسير الكمي مباشرة على الناس People’s Quantitative Easing لتقارن كفاءتها بكفاءة سياسة التيسير الكمي القائمة التي تعتمد على شراء السندات من المؤسسات الحكومية والكيانات الاقتصادية الكبرى والبنوك بهدف رفع ضغوط الدين عنها لتتمكن من ضخ الأموال من جديد في القطاعات المختلفة. كان كوربن ولم يزل قائدًا قويًا لحركة نزع السلاح النووي، وناشطًا في حركة مناهضة الحروب منذ أن كان شابًا. دَعْم كوربن العلني للقضية الفلسطينية أدى به لأن يواجه ادعاءات متوقعة بمعاداة السامية، تولى كبرها اللوبي الصهيوني رغم شعبية كوربن بين اليهود البريطانيين. تفشت هذه الادعاءات كالسرطان لتستهلك ثلث سيرته على ويكيبيديا. فرخّ مقال ويكيبيديا هذا عدة مقالات أخرى لها نفس التوجهات ضد الرجل.

كريق ميري Craig Murray هو سفير سابق لبريطانيا في أوزباكستان تَحَوّل إلى ناشط لحقوق الإنسان. بينما كان يعمل مكتب الخارجية البريطاني في سمرقند، نبّه المسؤولين الأعلى منه إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان هنالك. لأن النظام سمح للولايات المتحدة بأن تنشئ قاعدة على حدوده قريبًا من الحدود الأفغانية لتسهل اصطياد أسامة بن لادن، امتياز يأخذ مقابله مليار دولار مساعدات سنوية، ويكفل له معاملة خاصة في ملف حقوق الإنسان الدولي. ثار غضب ميري على مؤامرة الصمت التي يقترفها زملاءه الدبلوماسيون، مما دفعه للإدلاء بتصريحات خلال مؤتمر لحقوق الإنسان في أكتوبر 2002، ضُغطَ عليه إثرها ليستقيل من مكتب الخارجية بسلسلة من التهم الخيالية الملفقة (68). صحيح أن الكثير من المادة المسيئة على صفحته بويكيبيديا حُذِفَت، وحُظِر المحرر المسؤول عنها من تحرير الموضوعات التي تتعلق بالسياسة البريطانية المعاصرة لمدة ستة أشهر، ولكن المقال يفتقر لأي مرجع يشير إلى إنجازات ميري قبل أن يصبح سفيرًا في أوزباكستان، بما في ذلك دوره في إبرام اتفاقية السلام في سيرا ليون، وإشرافه على انتخابات غانا الديموقراطية الأولى، ومناقشته لقانون البحار في مؤتمر للأمم المتحدة. نتائج البحث باسم "Craig Murray" لويكيبيديا كانت توجه القارئ لصفحة لاعب هوكي له نفس الاسم قبل أن يُعدّل ذلك.

ديباك تشوبرا Deepak Chopra هو مؤلف ومتحدث، معروف بإشهاره لطب الأيورفيدا[28] Ayurvedic Medicine بين جماهير الإعلام الرسمي. ديباك هو طبيب معتمد في الطب الداخلي وعلم الغدد الصمّاء، ويعتمد على العلاج الروحي للعقل والجسد عبر نماذج متعددة، محاولًا الدمج بين الأيورفيدا وميكانيكا الكم لخلق "التشافي الكمومي Quantum Healing"، لأنه يرى أن هنالك ارتباط بين التحولات في الوعي والتحولات في بايولوجيا الجسد. يدير تشوبرا منتجعًا للنقاهة يعالج بنظام الأيورفيدا. بما أن تشوبرا كان من أوائل من هاجمهم ريتشارد دوكنز في سلسلته التلفزيونية "أعداء العقل Enemies of Reason"، دائمًا ما اُستهدف من قبل التشكيكيين الذين يُؤَلِّهُون دوكنز، فقد تدفقوا على صفحة تشوبرا بويكيبيديا ليؤدون طقوس التأليه، فأصبحت صفحته تعج باقتباسات لعبارات ازدرائية مقتبسة من المدون وطبيب الأورام ديفيد قورسكي David Gorski، الذي يبدو أنه يجد متعة عارمة في الاسهاب في السخرية من ممارسي الطب البديل.

هذه فقط عدة أمثلة لأشكال الهجوم التشهيري الموجود على ويكيبيديا، بعضها حاذق، وبعضها يكذب بإغفال الحقائق، وبعضها بتضخيم الأحداث الهامشية في حياة الشخصية، وبعضها يعطي الأصوات المعارضة مساحة لا تُجامل بمثلها الأصوات المناهضة للرؤى السائدة. هذا التشويه ليس مقتصرًا على السياسيين والعلماء والصحافيين والنشطاء. إن طرق التشهير في ويكيبيديا متعددة بعدد ضحاياها. لأن ويكيبيديا تظهر أولا في نتائج أي محرك بحث على الشبكة، فتشويه سمعة أحدهم على الموقع يكون له تداعيات مدمرة في حياته الواقعية. ما من سبيل لضحايا ويكيبيديا ليتظلّموا أمام الجهات العليا، فالقسم 230 يحمي الموقع من الدعاوى القاضية، والمحررون يختبئون خلف أسماء مستعارة. تستقبل مؤسسة ويكيميديا مئات الطلبات كل سنة من أشخاص يطلبون منها أن تحذف سِيَرَهُم على الموسوعة، وتفتخر ويكيميديا بأنها ترفضها واحدة واحدة.


قضية فيليب كروس [29] Philip Cross Affair:

فيليب كروس Philip Cross المصنّف 308 في قائمة المحررين الأكثر نشاطًا على ويكيبيديا بعد عمله لخمسة عشر عامًا في الموقع. في آخر خمس سنوات يقضي كروس في تحرير مقالات ويكيبيديا ما يعادل وظيفة بساعات عمل كاملة (74). عدد من ضحاياه، منهم البرلماني البريطاني جورج قالاوي George Galloway، والسفير البريطاني السابق كريق ميري Craig Murray، بدأوا يتقصون عن هذا المحرر عالي النشاط بعد أن لاحظوا أنه يمارس إرهابًا ممنهجًا على صفحاتهم. الرابط بين ضحايا كروس هو أن لديهم وجهات نظر مشتركة إزاء السياسة الخارجية لبريطانيا. خلال الوقت الذي يقضيه في التحرير، والذي يبدو أنه لا ينقطع، حذف كروس معلومات بشكل انتقائي وأضاف مواد سلبية، تصل إلى 1,796 تعديلا على صفحة جورج قالاوي وحده (75). هاجم كروس شخصيات مناهضة للحروب وللامبريالية على تويتر -أمثال جون بيلجر John Pilger، وفانيسا بيلي Vanessa Beeley، وجيرمي كوربن Jeremy Corbyn- في ذات الوقت الذي كان يعدل فيه صفحاتهم على ويكيبيديا بأكاذيب وتشويهات، كان يعدل بطريقة انتقائية صفحات لصحافيين مؤيدين للمؤسسة الرسمية أمثال لوك هاردينق Luke Harding وَأوليفر كام Oliver Kamm. هجوم كروس شخصيًا على أهدافه يجسد نوعًا من تضارب المصالح. استعرض كريق ميري مرةً أوجه التشابه في وجهات النظر بين كلٍّ من فيليب كروس وجيمي ويلز (76) الذي لم ترق له هذه المقارنة. «إذا كانت رؤيتك عن العالم مستقاة من مواقع مؤامراتية حمقاء، فإنك ستعاني كثيرًا لتدرك الحقيقة»، هكذا رد ويلز ساخرًا بعد أن وُوجِهَ بشكل متكرر بأدلة على تعديلات كروس. ميري كذلك أشار إلى أن الاستخبارات البريطانية تبجحت بتشغيلها "لدمى يدوية" لتُكَرِّس التوجهات الرسمية عبر الإعلام، واستهتار كروس العلني بالقوانين يبدو كسلوك شخص اعتاد في حياته الواقعية أن يكون فوق القانون (على صفحة نقاش مقال قالاوي في ويكيبيديا، اعترف كروس بأن ما يفعله يمثّل نوعًا من تضارب المصالح، ثم عاد ليكمل تعديله على مقال قالاوي) (77). سلوك كروس أدى في الأخير إلى حظره مؤبدًا من كل الموضوعات المتعلقة بالسياسة البريطانية لحقبة ما بعد 1978، مع إعطاءه فرصة ليلتمس فك الحظر بعد ستة أشهر من حظره. وكنوع من التقريع، فإن المحرر الذي نبّه لجنة التحكيم ArbCom ابتداءً إلى انتهاكات كروس حُظِر من "تخمين هَويّات المحررين خارج ويكيبيديا ومحاولات الاتصال بهم" (78). لقد انتهك كروس حظره بشكل متكرر مما أجبر لجنة التحكيم على حظره بالكامل من الموقع لمدة أسبوع (79). اكتشف قالاوي بأن كروس كان يعمل بالتزامن مع مجموعة من المحررين الذين يشتكرون في عنوان IP موحد تابع لأحد منشئات روبرت مردوخ[30] Rupert Murdoch الإعلامية (80). قالاوي يأمل بأن عرضه لقضية فيليب كروس في الإعلام سيحرر الناس من اعتقادهم بأن ويكيبيديا مصدر يتلقى الحقائق بالوحي، وبأنها مُحَرَّرة من التحيز السياسي والدوافع الخفية الأخرى. في أحد تقرير YouGov عام 2014 ورد بأن 64% من البريطانيين يثقون بمحرري ويكيبيديا -على الأقل إلى حد لا بأس به- في قولهم الحقيقة، أكثر من ثقتهم بصحيفة مردوخ the Times وحتى بالبي بي سي BBC (81)، لذا يبدو أن التعاون غير التقليدي بين المحررين المهووسين وقنوات الإعلام التقليدي يثمر بكفاءة. مع أن جورج قالاوي يتجنب قراءة سيرته المخربة على ويكيبيديا، إلا أنه لا يستطيع تجنب مواجهتها في الواقع، فالذين يجرون الحوارات معه عادة في أي ظهور له يقرؤونها ليقدمونه للجمهور.

اختيار كروس لقالاوي ليكون هدفه الأول يقدم لنا فكرة مبدئية عن الجهات التي توجه حملاته الإرهابية في ويكيبيديا. في 2016 أطلق قالاوي الفيلم الوثائقي قتلى توني بلير The killing$ of Tony Blair، والذي يؤرخ للصعود السياسي لرئيس الوزراء البريطاني السابق، ثم تواطؤه مع الحكومة الأمريكية لابتداء حرب العراق غير القانونية التي أدت لمقتل مئات الآلاف من المدنيين، ثم وظيفته بعد عمله السياسي القائمة على تلميع الأنظمة الاستبدادية. الوثائقي عبارة عن لائحة اتهام لاذعة لاستغلال الحرب في توليد الأموال. قالاوي والكثير ممن يستضيفهم في مقابلاته ينادون بمحاكمة بلير لجرائم الحرب التي ارتكبها في المحكمة الجنائية الدولية. من سوء حظ قالاوي أن بلير صديق مقرب لويلز، وويلز مدافع شرس عن أصدقاءه المشاهير، فصفحة بلير على ويكيبيديا بالكاد تتحدث عن ثراءه الفاحش (37 مسكنًا، منها 10 منازل و27 شقة، قيمتها 27 مليون جنيه إسترليني، بالإضافة إلى ملايين الجنيهات الاسترلينية الموزعة على شبكة من الشركات) (82)، وعن أعماله في العلاقات العامة في تلميع صور منتهكي حقوق الإنسان (83)، وعن فشله الكامل في دعم حقوق الفلسطينيين خلال عمله كمبعوث سلام في الشرق الأوسط، وعن التداعيات الإنسانية المتمثلة في نصف مليون قتيل من المدنيين خلال احتلال العراق والذي مازال بلير يدافع عن شرعيته.

 

ملاحظة أخيرة:

يثق الكثير من الناس بويكيبيديا أكثر من الإعلام والحكومة، ومع ذلك فمقالاتها مكتوبة بواسطة محررين مجهولين ممن يمكن أن يكونوا بسهولة موظفين لخدمة مصالح خاصة للتحكم بتصورات العامة. التلاعب بالحقائق من خلال ويكيبيديا هو سهل جدًا. الثقة العمياء التي يضعها المستخدمون في الموقع غير مبررة على الإطلاق، والأمثلة التي أوردناها لا تمثل سوى فتفوتة صغيرة جدا من التزويرات والتلاعب المتعمد بالمحتوى. كما قال جورج أرويل: من يتحكم بالماضي يتحكم بالمستقبل، ومن يتحكم بالحاضر يتحكم بالماضي، وبما أن ويكيبيديا تصبح مؤثرة أكثر فأكثر وتُسْتَخدم بوصفها سُلطة لفحص الحقائق من قبل مواقع كقوقل وفيسبوك، فإنها بشكل متنامي تتحكم بالحاضر. إن علينا أن نفكر مليًّا فيما إذا كنا نريد مستقبلًا يعدنا به موقع كويكيبيديا. قد تبدو ويكيبيديا أكبر من أن تسقط، فقد نمت في حجمها ونفوذها حد أنهُ يمكنها إسقاط حكومات، وهذا بالتحديد هو ما يوجب سقوطها. لا يمكن لنا أن نسمح لمستقبل المعرفة البشرية من أن يكون تحت هيمنة مجموعة من المحررين المجهولين الذين لا يمكن محاسبتهم ولا يملكون أدنى معرفة بما يحررونه، ذوي دوافع مجهولة يقف خلفهم داعمون غير مرئيين. إن هذه خلطة لكابوس من الشمولية.

مرارًا وتكرارًا، اقترافات الطبقة الحاكمة لويكيبيديا تكشف بأن همها الأول هو مظهر الموقع بالنسبة للقراء. سمعة ويكيبيديا معتمدة على تصور ملايين القراء عنها ممن يقرؤون مقالاتها كل يوم. لو انحدر تصور العامة، فإن مسارهم الوجودي سينحدر كذلك، وبالتالي ستنحدر الطرق التي ينفقون بها تبرعاتهم. حان الوقت لأن تُوضَع سمعة ويكيبيديا على المحك، سنرى إلى أي حد متسامحون هم ضحاياها.


المقال الأصلي:

Wikipedia - J’accuse – Helen Buyniski

http://helenofdestroy.com/index.php/58-wikipedia-j-accuse

or https://prn.fm/wikipedia-jaccuse/

مقال فقرة فيليب كروس:

Wikipedia: Rotten to the core – Helen Buyniski

http://helenofdestroy.com/index.php/49-wikipedia-rotten-to-the-core

or https://prn.fm/wikipedia-rotten-core/

 

 



[1] إني أتهم J’accuse هو عنوان المقال الشهير الذي كتبه الروائي الفرنسي إيميل زولا للدفاع عن الضابط الفرنسي اليهودي دريفوس الذي أُتهم بالعمالة للمخابرات الألمانية، حيث اتهم زولا السلطات الفرنسية بظلمها لدريفوس وتعسفها في محاكمته متحيزةً ضده لأنه يهودي.

[2] الغولاغ هي معتقلات للأعمال الشاقة بالاتحاد السوفييتي.

[3] التقصد الويكيبيدي Wiki-Hounding بحسب ويكيبيديا هو عندما يتعقب أحد المحررين محررًا آخر فيشارك دائما في صفحات المناقشة أو المناظرات التي يشارك فيها بقصد احراجه دائما أو التشكيك في تحريراته.

[4] فضيحة اللاعبة أو القيمرقيت GamerGate، هي قضية حدثت في 2014 بعدما قامت فتاة نسوية تدعى زوي كوِن Zoe Quinn بإصدار برنامج عبارة عن "مغامرة نصية" اسمها Depression Quest وصفته بأنه لعبة تساعد في التعامل مع الاكتئاب، وقد لاقى هذا البرنامج تغطية كبيرة جدا من صحافيي الألعاب وروجوا له مع أنه في الحقيقة ليس بلعبة، كما أن الكثير من أولاء الصحفيين ليسوا مختصين بالألعاب التفاعلية الخيالية. ثم فازت اللعبة بعدة جوائز (أكتشف لاحقا بأن أحد مانحي الجوائز كان على علاقة مع الفتاة). ادعت زوي بأن اللعبة جاءت إثر انفصالها عن عشيقها المتنمر، الذي ظهر واتهمها بالكذب عليه وخيانته، وقد اعترفت زوي بخيانته بالفعل، الأمر الذي دعا مجتمع اللاعبين إلى اتهام زوي بأنها حصلت على دعاية لبرنامجها مقابل الجنس. بعد تنقيب، اكتشف مجتمع اللاعبين بأن هنالك لوبي من الصحفيين يروج للألعاب التافهة التي تخدم أجندة سياسية يسارية نسوية، مما أضر بصناعة الألعاب. ثم تفجر صراع بين مجتمع اللاعبين وبين صحافة الألعاب، بعدما اتهم الصحافيون اللاعبين بأنهم عنصريون وكارهون للنساء، للدرجة التي نُشرت فيها عدة مقالات تقول بأن اللاعبين انتهوا بالفعل، وبأن شركات الألعاب لا ينبغي أن تعتبرهم شريحتها الرئيسية! أحد أشهر صحافيي الألعاب الذين تورطوا في هذا الصراع كانت النسوية أنيتا ساركيجان Anita Sarkeesian، التي زعمت أنها تلقت تهديدات بالقتل من اللاعبين. أنيتا ادعت أنها محبة لألعاب الفيديو وبأنها تلعب كثيرًا، ولكن وجد لها فيديو من ورشة عمل أقامتها تتحدث فيه كيف أنها لا تفقه شيئًا في الألعاب وبأن الألعاب مجرد ترويج للعنف والكراهية. تحول الاسم (قيمرقيت) في الأخير إلى حركة مناهضة للتوجهات اليسارية النسوية في صناعة الألعاب. ربما تبدو هذه النبذة متحيزة لكني عرضت القضية كما فهمتها من مجتمع اللاعبين، لأني بالطبع لن أترك رأي اللاعبين هنا، وأتبنى رأي الصحافة التي أثبتت تحيزها.

[5] صحيفة القارديان (وعدة صحف أخرى) تُعتبر من مصادر ويكيبيديا الموثوقة التي يُحظر على أي محرر أن يُناقضها. مصدر القارديان في الكتابة عن القضية كان ويكيبيديا نفسها، أي أن مصدر المصدر الموثوق لويكيبيديا هو ويكيبيديا نفسها، مع أن هذا المصدر الموثوق يهدف أصلًا لأن يوثّق ما حدث فيها. عندما خرج مقال القارديان الذي يدعي بأن ويكيبيديا حظرت المحررات النسويات، كانت لجنة تحكيم ويكيبيديا مازالت تصوت على قرارها، وبالتالي لم يكن هنالك مصدر موثوق آخر معتمد من ويكيبيديا يؤكد أن لجنة التحكيم لم تصدر قرارها بعد، وويكيبيديا لا تستطيع أن تدافع عن نفسها لأنها لا تعد مصدرًا موثوقًا بحسب قوانينها. في الواقع، بالإضافة إلى كذب القارديان بأن القضية أغلقت، لم يورد مقالها أي اسم من أسماء النسويات اللاتي يدعي بأنهن حُظرن، ولم يكن هنالك أي وجود لأي منهن بطول المعركة التي حدثت. راجع المصدر 29 في هوامش المقال الأصلي.

[6] الفرق أن ويكينيوز WikiNews موقع للأخبار تابع لمؤسسة ويكيميديا والعاملين عليه هم متطوعون من العامة. أما ويكيتريبيون WikiTribune فهو مصدر مستقل، يوظف صحافيين بدوام كامل ليكتبوا تحقيقات صحفية، ثم يراقب هذه التحقيقات ويدققها محررون متطوعون. تقول ويكيتريبيون بأنها توفر بيئة للناس يكونون فيها متساوين مع الصحافيين، ليس كبقية مواقع الصحف التي توفر مكان هامشي لتعليقات الناس. ولكن بعد تحولها لنموذج بالكامل قائم على التطوع، لم يعد هنالك فرق حقيقي بينها وبين ويكينيوز. 

[7] البيدزاقيت PizzaGate هي قضية ظهرت في الانتخابات الأمريكية 2016، اُتهمت فيها شبكة واسعة من السياسيين والمشاهير في أمريكا بالانخراط في طقوس تتضمن الاتّجار الجنسي بالأطفال. فبعد تسريبات ويكيليكس لإيميلات الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون، كان جون بوديستا John Podesta مدير الحملة يسأل أخوه توني Tony في أحد الايميلات "هل تريد بيتزا لمدة ساعة؟"، كما ذُكر في أحد الايميلات بأن أوباما دفع 65,000 دولار مقابل بيتزا. وتبين التسريبات الكثير من المراسلات بين جون بوديستا وبين جيمس ألفانتس James Alefantis مالك مطعم Comet للبيزا الذي كان يتردد عليه جون بوديستا، والذي وجد حسابه الشخصي على الانستغرام يعج بصور أطفال في وضعيات غريبة بعضهم يأكل البيتزا وبعضهم مقيد، وصور جنسية أخرى وصور دموية وصور لأقبية غريبة. شعار مطعم Comet كان مطابق إلى حد بعيد لشعار البيدوفيليين. كانت إيميلات بوديستا تتضمن الكثير من الكلمات الغريبة مثل تشيز وبيتزا وهوت دوق ضمن سياقات بلا معنى، اتضح لاحقًا بأنها رموز لفئات عمرية من الأطفال ووضعيات جنسية يستخدمها البيدوفيليون ومجتمعات تداول مواد الأطفال الإباحية على الإنترنت. في أحد الإيميلات كان أحد المسؤولين الحكوميين يقول لهيلاري كلينتون "سأضحي بدجاجة لمولوخ Moloch في الفناء الخلفي" ومولوخ هو إله كنعاني قديم كان يُقَدَّم له الأطفال قرابين. القضية تضخمت لتشمل سياسيين ومشاهير متهمين بالاتجار بالأطفال، وظهرت فيديوهات لسهرات غريبة يُتحدث فيها بالإيحاء عن ممارسة الجنس مع الرُّضَّعْ. وقد وُجد عدة مشاهير وصحافيين ومحققين -من الذين تورطوا مباشرة أو بالحديث- ميتين. 

[8] تأثير الفراشة نظرية في الفيزياء تقول أن الأحداث التافهة يمكن أن يكون لها تداعيات ضخمة، فلو أن فراشة في اليابان خفقت بجناحها في الزمن المناسب والحالة الطقسية المناسبة، فإن خفقة الهواء التي أحدثتها يمكن أن تكبر وتكبر حتى تصيرُ إعصارًا مدمرًا يضرب السواحل الأمريكية.

[9] رئيس وزراء بريطانيا سابقًا، وحاليًا مدير شبكة للعلاقات العامة والتلميع الإعلامي.

[10] Creative Commons مؤسسة غير ربحية تساعد أصحاب المنتجات الفكرية والإبداعية على عرض منتجاتهم للتداول والتسويق ضامنةً لهم حقوق النشر دون الاضطرار للتسجيلات القانونية المعقدة.

[11] الترولنق Trolling يُترجم إلى "التصيد"، وهي كلمة مشتقة من أي القزم. واصطلاحًا يشير المصطلح إلى الشخص الوضيع الذي يكتب عادة باسم مستعار مستخدمًا منصات التواصل ليثير الجدل ويتنمر على الآخرين، سواء "بتصيد" أخطاءهم أو باختلاق جدل ما حولهم، فهو يعاني عقد نقص وفراغ، لذلك هو شخص تافه (قزم) يعوض قزامته بإيذاء الآخرين.

[12] جامعة ويكيبيديا أو ويكي الجامعة أو ويكيفيرستي، بحسب الموقع نفسه: هو مشروع من مؤسسة ويكيميديا، مخصص لإنتاج ونشر المواد التعليمية (دورات، تمارين ورش عمل إلخ). يمكن للجميع المشاركة في هذا المشروع. ويكي الجامعة هو مركز للإبداع واستخدام مواد ونشاطات التعلم المجانية. ويكي الجامعة يستضيف مصادر التعليم الحرة والمشاريع والدروس المدرسية، كما يوفر إمكانية التعاون والمشاركة لإنتاج الأبحاث العلمية. إذا كان لديك درس تعليم من إنشائك وتود نشره للمجتمع مجانا، فأنت في المكان.

[13] تجارب خرق القوانين Breaching Experiments هي تجارب في دراسات علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي تقوم على خرق الأعراف والعادات والقوانين لرصد ردود أفعال الناس.

[14] Original Research البحث الأصيل أو المبتكر، هو نوع من الأبحاث يدرس فرضيات جديدة ويؤسس لنظريات ومباحث أو استقراءات جديدة لا تعتمد على النظريات أو طرق البحث السابقة، أو تعتمد عليها ولكن دون أن تؤثر على الطرق البحثية الجديدة التي يسلكها الباحثون.

[15] راجع مقدمة المقال.

[16] وادي السيليكون هو منطقة تقع جنوب مدينة سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأميركية. تجمع هذه المنطقة المراكز الرئيسية لكبرى الشركات التكنولوجية، مثل "قوقل" و"فيسبوك" و"أبل"، وعرفت باسم وادي السيليكون لأن الشركات التكنولوجية تصنع الرقاقات أو الشرائح في أجهزتها من مادة السيليكون https://www.independentarabia.com/node/54391Top of Form

.

[17] الغيتو هو مصطلح كان يطلق على أحياء اليهود في أوروبا، ثم صار يُطلق عمومًا على كل أحياء الأقليات، والتي عادة ما يُنظر لها باحتقار وبوصفها طبقة دُنيا، وتكون مضطهدة سياسيا واقتصاديًا.

[18] مجموعة حرب العصابات هي مجموعة تديرها سوزان جيربك Susan Gerbic، ملحدة من رواد الحركة التشكيكية Skepticism، لتعديل المقالات العلمية في ويكيبيديا. الحركة التشكيكية (تسمى كذلك بالشكوكية أو الشكوكية العلمية) هي حركة ذات أجندة مادية إلحادية تدعي التزامها بالعلم التجريبي (ساينس Science) وترفض كل ما لم يثبته الساينس. لذلك هي مثلا تشكك في (تحارب) كل الأنظمة العلاجية البديلة كالعلاج بالإبر الصينية والكايروبراكتك Chiropractic (راجع الهامش 20) والعلاج بالموارد الطبيعية، وكل أنواع العلوم والمعارف القديمة حتى التي أثبتت كفاءتها سواء في الطب أو في تفسير الظواهر الطبيعية عمومًا. كل مقالات ويكيبيديا حول هذه المواضيع ومثيلاتها ليست سوى مقدمات مختزلة ومضللة من منظور الحركة التشكيكية ذات النفوذ الكبير في ويكيبيديا.

[19] QuickWatch مراقب الدجالين هو موقع يخدم أجندة الحركة التشكيكية حيث يحارب كل أنواع العلوم البديلة سواء في الطب أو في غيره، ويعتمد أسلوب إسقاط الخبراء في المجالات البديلة بالتشكيك في كفاءاتهم وإمكانياتهم ومؤهلاتهم. هذا الموقع المتحيز للأيديولوجيا المادية هو مصدر معتمد في ويكيبيديا لكتابة المقالات حول النماذج المعرفية البديلة ومختصيها سواء في الطب أو في العلوم بشكل عام.

[20] Chiropractic الكايروبراكتك، هو من مدارس الطب البديل، أسسه الكندي دانيال ديفيد باليمار Danial David Palmer. يقوم الأساس النظري للكايروبراكتك على أن الجهاز العصبي هو الذي يتحكم بالجسم كُلِّه، وبالتالي فوجود مشكلة ما في منطقة ما من الجسم، يعني أن الأعصاب في تلك المنطقة تعاني من خلل ما، هذا الخلل ناشئ بشكل أساسي من عدم تناسق العمود الفقري أو العظام المرتبطة به، مما يسبب ضغطًا على الأعصاب فتنشأ تلك المشكلة. فالهدف الأساسي للكايروبراكتك هو علاج العلل العصبية من خلال تقويم الجهاز العظمي. يدعي التشكيكيون دائما بأنه ليس هنالك بحوث كافية تثبت كفاءة الكايروبراكتك، لكن جولة بسيطة في اليوتيوب تثبت الكفاءة العالية جدًا والمذهلة لهذا النوع من العلاج الذي يعالج آلام مزمنة وتشوهات خطيرة في العمود الفقري دون أي جراحة، بل كثيرا ما يعالج مشاكل لا يبدو بأن لها أي علاقة بتناسق العظام، مثل مشاكل الباطنية والقلب وغيرها.

[21]  يسمى الآن  RationalWiki

[22] لاعتبارات شخصية، استبعدت ثلاث شخصيات كتبت عنها المؤلفة كأمثلة على تشهير ويكيبيديا، وهم: Guy McPherson  وَ Vandana Shiva  وَ Susan Sarandon.

[23] تعريف الكاتبة معقد إلى حد ما. Morphic Resonance يسمى بالرنين الموروفيني أو المتشكل أو الشكلي، وأنا أترجمه مجازًا [بالتناغم النوعي]، يقول روبرت بأن كل نوع موجود على الأرض ينشأ بين أفراده [ذاكرة جماعية] يتوارثونها، هذه الذاكرة الجماعية هي ما تجعل -مثلاً- المهر بمجرد أن يولد يتصرف كالأحصنة تماماً. إن المهر يجري كحصان ويلعب كحصان ويأكل كحصان دون الحاجة لأن يرصد الأحصنة ويتعلم سلوكها. ويقول لو أننا علّمنا ببغاءً سلوكًا جديدا، فإنه سينتج "رنينًا Resonance"، هذا الرنين سينتشر في العالم وتلتقطه كل الببغاوات من نفس النوع، بحيث لو علمنا ببغاء آخر نفس السلوك، فإنه سيتعلم بشكل أسرع. لا ينحصر أثر الذاكرة الجماعية على الحيوانات، بل إنه يشمل أي مادة على الكوكب. لو أننا صنعنا نوع جديد من الكريستال في مختبر ما في العالم، فإن سرعة تَشَكُّل الكريستال -من نفس النوع- ستكون أكبر عند صناعته في المرات القادمة في أي مختبر آخر حول العالم.

[24] محاضرة بعنوان Science Delusion وهم العلم، قد يكون العنوان متعمد لمناهضة لكتاب عرّاب إلحاد السوق دوكنز (وهم الإله) بطريقة استفزازية غير مباشرة. قام TEDx بحظر العرض لاحقًا، لكنه موجود ومترجم على عدة مواقع بعنوان: وهم العلم روبرت شيلدريك.

[25] قانون يجرد السكان الأصليين في أستراليا من لقب [أصلي] وبالتالي يسلبهم كل الحقوق المبنية عليه.

[26] شاهدت الفلم بشكل مقتضب، السرد العاطفي كان طاغيًا منذ بدايته، من الواضح أنه لم يكن سوى جزء من الحملة الإعلامية لخدمة مشروع النظام الدولي والمصالح الأسترالية في تيمور الشرقية. قضية تيمور الشرقية ليست سوى جزء من قائمة الأقليات الطويلة التي يستخدمها النظام الدولي للضغط على الدول -الإسلامية عادة- عندما تبدأ نهج سياسات جديدة تتعارض مع مصالحه. تتمتع تيمور الشرقية بموقع استراتيجي مهم جدا في ممرات الهادي البحرية، كما أنها ذات ثروات طبيعية ضخمة من النفط والمعادن. قصة تيمور الشرقية بدأت تحديدا بعد انسحاب الاحتلال البرتغالي منها عام 1974 بعد ثلاثة قرون من الاستعمار ضمن خطة الانسحاب من المستعمرات، حيث دخلها الجيش الإندونيسي بعد ذلك ليضمها إلى كيان الدولة. ومنذ ذلك الحين وهنالك اتجاهات بديلة للهيمنة البرتغالية تتمثل بشكل أساسي في نشر التنصير وتحقيق المصالح الأسترالية (المستعمر البديل غير المباشر). في بدايات التسعينات بدأ سوهارتو تغييرات حزبية أعطت لكل طائفة في إندونيسيا حجمها الحقيقي في التمثيل السياسي. حيث قلص عدد الوزراء المسيحيين في الحكومة من 11 إلى 4 من مجموع 19 وزير. وجعل رئيس أركان الجيش مسلمًا بعد أن كان مسيحيًا. وهو الذي قرّب بحر الدين حبيبي -الشخص الذي تُعزى له النهضة الأندونيسية- ودفعه في العمل السياسي. هذه الإصلاحات جعلت النظام الدولي يبدأ حملة إعلامية ضخمة ضد سوهارتو داعمًا حركات التمرد الانفصالية في تيمور الشرقية، منح خلالها جائزتي نوبل لقائدين انفصاليين. وتنامى الضغط على إندونيسيا حتى صوتت على استفتاء انفصال تيمور الشرقية في 1999 الذي أيدت فيه الأغلبية الاستقلال. [من كتاب (الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا - مصطفى رمضان) ومقال (انفصال تيمور الشرقية.. نموذج كلاسيكي لتفتيت دولة إسلامية طلعت رميح)].

[27]  Compassion Fatigue إعياء التراحم/الرحمة: حالة نفسية تحدث غالبًا للأشخاص الذين يتعاملون باستمرار مع الحالات الإنسانية التي مرت بتجارب وصدمات صعبة، كالأطباء والمسعفين الإغاثيين الذين يتعاملون مع النازحين أو الناجين من حوادث مرعبة. حيث يصل الإنسان بعد تعرضه الطويل لتجارب الآخرين القاسية إلى مرحلة من الإعياء وتبلد الشعور تنعكس على صحته النفسية والجسدية. من أعراض إعياء التراحم النفسية فقدان القدرة على التراحم والتواصل العاطفي والكوابيس، وأما أعراضه الجسدية فتتمثل في الصداع وآلام الظهر والمفاصل.

[28] طب هندي قديم تعود جذوره إلى ما قبل الميلاد بقرون. تقول فلسفة الأيورفيدا بأن للإنسان خمس عناصر رئيسية تسمى "بالعناصر الخمسة العظمى" هي التراب والماء والهواء والنار الأثير. سر صحة الجسد يكمن في الموازنة بين هذه العناصر الخمسة، يحدث ذلك بالعلاج بالأعشاب والتدليك والتأمل واليوغا وعدة طرق أخرى لها تفصيلات طويلة في طرق التشخيص في طب الأيورفيدا. (هذه نبذة مختزلة جدًا).

[29] هذه الفقرة هي من مقال آخر للكتابة اسمه (Wikipedia: Rotten to the core ويكيبديا: فاسدة حتى النخاع)، أوردتها هنا لأهميتها في كشف اللوبيات التي تدير المقالات في ويكيبيديا على مدار الساعة.

[30] روبرت مردوخ، الملياردير الشهير صاحب الترسانة الإعلاميةFOX  والذي استحوذ علىNational Geographic  قبل عدة سنوات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كبح الرجل بكاءه: تقليد ذكوري بالي أم ضرورة أخلاقية؟

الاعتزال بوصفه أداة للاختراق الأديولوجي